يوم القدس – يوم حرية فلسطين
يوم القدس العالمي.. كما هو (يوم الإسلام) وهي التسمية التي أطلقها الإمام الخميني(رحمه الله) عليه، فهو في ذات الوقت يوم الأرض الفلسطينية، الأرض المباركة المقدّسة..
يأتي يوم القدس هذا العام في ظل تحدّيات كبرى يواجهها الشعب الفلسطيني في طول فلسطين وعرضها، حيث الصراع
على الأرض وعلى القدس لم يتوقف منذ قرن من الزمان، وهو صراع تاريخي متمحور حول الأرض في أساسه حيث الرواية
(الصهيونية) الكاذبة التي روّجت لشعار (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)، وحيث كان لبريطانيا دور أساس في مسألة تسريب
الأراضي الفلسطينية إلى الصندوق القومي لإسرائيل الذي أسسته الحركة الصهيونية لهذا ولغرض استيعاب ملف الهجرة اليهودية لفلسطين..
وإذا كان يوم الأرض قد مثّل تنامياً وتجلّياً لحضور وثبات الهوية الفلسطينية التي أراد الاحتلال مصادرتها في فلسطين المحتلة
عام 1948 فيما يُعرف بـ (الأسرلة)، ودفع بالرواية التاريخية والذاكرة الجماعية الفلسطينية إلى ساحة المواجهة، فإنّ يوم
القدس العالمي جسّد ماهية الصراع مع العدو الصهيوني، وأنّه يتجاوز الشعب الفلسطيني ليشمل الأمّة العربية والإسلامية
وحتى أحرار العالم، حيث المشروع الصهيوني وطبيعته العدوانية، ودوره الوظيفي يتعدّى الأراضي الفلسطينية إلى كل الأمّة،
وهذا يعني أنّ الأمّة معنية بمواجهة هذا المشروع الذي اتّخذ من فلسطين نقطة ارتكاز ومنصّة انطلاق تديرها قوى الاستكبار
العالمي، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية..
اقرا المزيد: جمعية الصداقة تشارك بتشييع الشهيد علي الأسود
وحين وصف الإمام الخميني (رضوان الله عليه) إسرائيل بالغدة السرطانية، وبجرثومة الفساد وبالشجرة الخبيثة فإنّه كان يرى ببصيرته حقيقة هذا الكيان، وعليه كان تشخيصه مبنيّاً على تلك الرؤية الثاقبة، ثم إنّ الإمام لم يكتف بالتشخيص دون أن يصف العلاج، وكانت دعوته لإحياء يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك في كل عام بعضاً من هذه الوصفة التي إن تعاطاها المسلمون فإنّهم سيقرّبون اليوم الذي يشهد فيه العالم زوال هذا الجسم السرطاني الخبيث..
أراد الإمام أن تبقى القدس حاضرةً في حياة الأمّة كمركز للصراع بين الأمّة وأعدائها، بل بين المستضعفين والمستكبرين، فكان اختياره لهذا اليوم الذي يجمع فيه بين قداسة الزمان والمكان، وحيث تكون التقوى قد تدفقت في شرايين الأمّة الصائمة، وتجلّت أنوار القرآن على عالم الوجود الإمكاني حيث القرآن هو قبلة الصراط المستقيم، وحيث القدس هي قبلة المسلمين الأولى، وحيث الرابطة المقدّسة بين رمضان والقرآن والأقصى والمسجد الحرام التي بها قوام هذه الأمّة ونهضتها وعزّتها.
يأتي يوم القدس العالمي هذا العام وقد قامت فلسطين وقام شبابها في الضفة وغزّة والـ48 وحيث كان الفلسطيني، وحيث ازدادت الأمة وعياً بحقيقة هذا الكيان وهم يرون شباب فلسطين الشجعان كيف يواجهون عدوّ الأمّة بدمائهم الزّكية وأنوفهم الحميّة، ويصنعون التاريخ ويرسمون من خيوط صبرهم وجهادهم حلّة الفخار التي تليق بالقدس وفلسطين.
في يوم القدس العالمي يندحر الشيطان، ويخنس المطبّعون، وتتألّق رايات الوعد الصادق في سماء الأمّة المقاومة مؤذنةٍ بالفجر الآتي والفتح القريب
د. محمد البحيصي
رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية – الإيرانية