د. محمد البحيصي – رئيس الجمعية
نعوم تشومسكي عالم اللسانيات الأشهر يرى أن فوز ترامب يمثل نتيجة طبيعية لانعدام ثقة معظم الأمريكيين بالنظام الحاكم الذي تحوّل من حالة حكم الشعب أي ( الديمقراطية ) إلى حكم الأغنياء ( البلوتوقراطية).
وبحسب تشومسكي فإن هذا الانتخاب يجيء كحصيلة لمجتمع متداعٍ وماضٍ بقوة نحو الانهيار، في إبريل نيسان 2010 عرض تشومسكي رؤية مظلمة لمستقبل الولايات المتحدة وحذّر، وهو الفيلسوف والقارئ الجيد للتاريخ تحدّث فيها عن ” شخصية تتمتع بالكاريزما” يمكن أن تقفز إلى منصب رئيس الولايات المتحدة عن طريق الوعود الديماغوغية، وهو ما تمّ بالفعل .
ولا يقف الأمر عند هذا الأمر فها هو فرنسيس فوكوياما صاحب “نهاية التاريخ” ينظر إلى ترامب بوصفه صاحب الرئاسة التي تدشن عصراً جديداً من القومية الشعبوية، التي يتعرض فيها النظام الليبرالي الذي أخذ في التشكل من خمسينات القرن العشرين للهجوم من قبل الأغلبيات الديمقراطية الغاضبة والمفعمة بالطاقة والحيوية، وأن وعود ترامب بأنّ ” يعيد لأمريكا مكانتها” جعلت العمال المنضوين في النقابات المهنية الذين كانوا قد تلقوا ضربة موجعة بسبب تراجع المشاريع الصناعية يصوّتون له، مشبهاً ذلك بما حدث عند التصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأن هناك مخاوف من انزلاق العالم برمته نحو عالم من القوميات المتنافسة والغاضبة في الوقت ذاته.
وأما الكسندر دوغين الفيلسوف والمنظّر الروسي الأشهر الذي يمثل عقل فلاديمير بوتين ويشكل وعيه، فهو يرى أمريكا على أنها فضاء منتصف الليل، وربما تكون روسيا فجره، والآن هناك بوتين روسيا الآتية وكأن كل ما نحتاجه هو اللهب والنار، لهب يشعل النفوس ونار تصفي المذاهب والأيديولوجيات .
القراءات تطول والأسئلة المعلّقة أكثر من الأجوبة.. هل فوز ترامب بداية انحدار وسقوط الغرب، كما في مشاهد الإمبراطورية الرومانية أواخر مجدها؟ أم أن الأمر يقتصر على أمريكا ونهاية مائة عام من القيادة والريادة ؟ الكل ينتظر، وأما نحن الفلسطينيين فإن التاريخ الأمريكي علّمنا أن لا جديد تحت الشمس، وأن العلاقات الأمريكية مع الكيان الصهيوني من ثوابت السياسات الأمريكية، وليس أمامنا غير استعادة وحدة بيتنا الفلسطيني والتأكيد على مصيرية العلاقة مع مجتمعنا العربي والإسلامي المقاوم وليس الواقف في طابور الاستحذاء لسيد البيت الأبيض أيّاً كان ..
