فلسطين الجغرافيا والتاريخ

من “دير ياسين” إلى “مسيرة العودة”.. الجرح الذي لايندمل

يصعب عدّ الجرائم التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق شعبنا الفلسطيني، منذ ما يزيد عن قرن، لدرجة أن المجازر الأخيرة التي بدأ جيش العدو بارتكابها ضد المتظاهرين المشاركين  بمسيرة العودة الكبرى في قطاع غزة، والتي وصل عدد ضحاياها إلى أكثر من 30 شهيدا، وآلاف الجرحى، ليست إلا امتداداً لمسلسل الاجرام الصهيوني المستمر منذ مجزرة “دير ياسين”، التي وثقت  أشهر وأفظع المجازر الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، والتي قال عنها رئيس منظمة “الأرغون” الإرهابية مناحيم بيغن “لولا مجزرة دير ياسين لما قامت إسرائيل“!..

المذبحة التي شهدها غرب القدس يوم 9 نيسان/أبريل 1948، نفذتها الجماعتان الصهيونيتان: “الأرغون” و”شتيرن” ليلاً والساكنة نيام. ورغم بسالة المقاومة التي واجه بها أبناء ديرياسين البواسل تلك العصابات الصهيونية، فإن التعزيزات التي وصلتها، جعلتها تحكم قبضتها على هذه القرية، ففجّرت كل حقدها وإرهابها بتدمير منازلها، وقتل غالبية سكانها بمن فيهم الأطفال والنساء والشيوخ، بأبشع الأساليب وأكثرها فاشية، لتكون الحصيلة ما بين 250 و360 شهيداً.

ولم تكتفِ العصابات الصهيونية بالقتل، بل تجاوزتها للتعذيب البشع ولتقطيع الأطراف واغتصاب الفتيات أمام أهاليهنّ. وقد بنى الصهاينة مستوطنة فوق القرية القديمة التي احتلت منذ ذلك التاريخ، كما أطلقوا أسماء مقاتلي الإرغون على شوارعها، لما قدّموه من ترويع للفلسطينيين تسبّب في نزوح الكثير من الفلسطينيين عن قراهم خوفاً من تكرار المجزرة. بحق الآمنين.

وكانت هذه المذبحة، وغيرها من أعمال الإرهاب والتنكيل، إحدى الوسائل التي انتهجتها المنظمات الصهيونية المسلحة لتفريغ فلسطين من سكانها الأصليين. لتثبيت المزاعم الصهيونية التي تقول بأن “أرض فلسطين بلا شعب، لشعب بلا أرض“.

وقد عبَّر قادة العدو عن أهمية هذه المجزرة والدور الذي لعبته في إقامة الكيان، حيث قال رئيس الوزراء “الإسرائيلي” الأسبق، مناحم بيجن، في كتاب “الثورة”: “لولا دير ياسين لما قامت إسرائيل.. لقد أسهمت مع غيرها من المجازر الأخرى في تفريغ البلاد من 650 ألف عربي“.

مجازر أخرى ومتتابعة ارتكبتها “إسرائيل” بحق الشعب الفلسطيني، والعربي، كما لا تزال تقتل بدم بارد شباب وشابات فلسطين في الشوارع وعلى الحواجز ونقاط التماس، لن تكون آخرها المجزرة ضد متظاهري “مسيرة العودة الكبرى”، التي انطلقت في الثلاثين من آذار/مارس الماضي، والتي يؤكد المشاركون فيها إصرارهم على مواصلة تحركاتهم عند الحدود الفاصلة بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 حتى الخامس عشر من أيار/مايو المقبل، تأكيدا لحق اللاجئين الفلسطينيين في تحقيق العودة إلى أرض الآباء والأجداد، إلى المدن والقرى والبلدات التي هجروا منها  في العام 48، إلى صفد، يافا، عكا، الطيبة، طمرة، شفاعمرو، ترشيحا، نحف، صفورية، الناصرة، الرملة، ام الفحم، الصفصاف.. ودير ياسين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى