ملاحظات حول التطبيع الرياضي في مدينة أغادير
أقيمت في مدينة أغادير المغربية مباريات دولية للجودو، شاركت فيها من 9 إلى 11 آذار 38 دولة، تحت رعاية الفدرالية الدولية للجودو. شاركت بعض الدول العربية والإسلامية (من آسيا وإفريقيا) في هذه المباريات إلى جانب الكيان الصهيوني، وهي: تركيا، كزخستان، تركمنستان، المغرب، الجزائر، ليبيا، اليمن والسلطة الفلسطينية، والسنغال. ستقام مباريات أخرى للجودو في تركيا (أنطاليا) من 6 الى 8 نيسان القادم، بمشاركة عدة دول عربية وإسلامية: البوسنة، إيران، العراق، قطر، لبنان، طجكستان، تركيا، أوزبكستان، كما شارك فيها وفد من الكيان الصهيوني مؤلف من 17 لاعباً.
الملاحظة الأولى حول مشاركة الوفود الصهيونية في هذه المباريات التي تعقد في دول عربية وإسلامية، التي تلتزم بالقرارات الدولية المفروضة عليها من قبل المجتمع الدولي: ألا يمكن طرد الوفود الصهيونية ورفض استقبالها، أو على الأقل الإعلان عن عدم موافقه الوفود المشاركة في هذه المباريات، على وجوده بينها؟ في المباريات التي جرت في تونس، في شهر كانون الثاني الماضي، لم يشارك وفد صهيوني بتاتاً، بسبب الموقف الرسمي أولاً، حيث لا توجد علاقات ديبلوماسية مع كيان العدو، إضافة إلى أن الجمهور التونسي متيقظ إلى مسألة التطبيع مع كيان العدو. ما يعني أنَّ موقف الدولة المضيفة للمباريات مركزي وحاسم. فدولة المغرب لا تقيم علاقات ديبلوماسية مع الكيان، على الأقل رسمياً، إلا أنَّ العلاقات الرسمية وغير الرسمية بين المغرب وكيان العدو تسير بشكل طبيعي، رغم الاحتجاجات الشعبية. فما هو دور الأحزاب المغربية، لا سيما المشاركة في الحكم، التي ترفض التطبيع وتلوّح بين الحين والآخر بأنها ستطرح مسألة تجريم التطبيع؟ أين كانت هذه الأحزاب عندما قرّرت المملكة استضافة الوفد الصهيوني ؟ من المسؤول عن تورّط المغرب في هذا الموقف التطبيعي ؟ وهل سيتم مساءلة المسؤولين عنه؟ ما هو موقف بلدية أغادير من المسألة؟ تطرح هذه الأسئلة بعد تكرّر المشهد التطبيعي في موضوعات أخرى، حيث لا يتم الحديث عنها إلا بعد حصولها. ألا يمكن للجهات الرسمية المغربية المناهضة للتطبيع من إثارة هذه المسائل (وجود وفود صهيونية في البلاد) قبل حدوثها والمطالبة الرسمية والشعبية بمنعها؟
الملاحظة الثانية حول مواجهة اللاعبين الصهاينة: في مباريات أغادير، لم ترفض المواجهة مع اللاعبة “الإسرائيلية” إلا اللاعبة الجزائرية أمينة بلقاضي، في حين وافقت أربع لاعبات مغربيات ولاعبة تركية واحدة على مواجهة “إسرائيليات”، ما يشير إلى أن حركة المقاطعة ورفض التطبيع مع العدو لم يصل بعد صداها إلى الفئات الرياضية وتلك التي يحاول العدو اختراقها من خلال الرياضة أو الثقافة أو الفن. رغم أن هذه الفئات لا تمثل الجمهور الواسع العربي والإسلامي في بلادها، إلا أن اختراقها من قبل العدو يفيد إعلامه، لعزل المجتمعات العربية المتمسكة بحقوقها الوطنية والقومية، وخاصة المجتمع الفلسطيني الرافض لوجود الكيان على أرضه. إضافة الى أن المرحلة السياسية التي تلت إعلان ترامب عن القدس ونيّة الولايات المتحدة لفرض ما يسمى بصفقة القرن التي تلغي فلسطين والقدس وقضية اللاجئين تتطلب وقفة حازمة في وجه الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، في كل المناسبات، بما فيها المناسبات الرياضية، وهي مسؤولية فردية وجماعية. قد يواجه اللاعبون العرب والمسلمون المشاركون في المباريات الرياضية لاعبين “إسرائيليين” بسبب عدم وعيهم السياسي والوطني وليس بنيّة الإساءة إلى القضية العربية والفلسطينية، ما يتطلب إثارة مسألة مشاركتهم قبل وقوعها.
إن رفض عدد كبير من اللاعبين العرب والمسلمين، وغيرهم من الدول المشاركة (كوبا مثلاً في مباريات أنطاليا)، مواجهة اللاعبين الصهاينة، دعماً لفلسطين وكمبدأ رفض التطبيع مع العدو، سيشكل انتصاراً للحق الفلسطيني وخطوة إلى الأمام من أجل طرد العدو من المحافل الدولية كافّة. ذلك يتطلب حملة إعلامية سابقة للمباريات، أي رصد كافة اللقاءات الدولية المزمع عقدها، والتي قد تستضيف وفوداً صهيونية.
مقال بقلم : راغدة عسيران (منقولة عن وكالة القدس للأنباء).