مقالات وآراء

معاناة الفلسطينيين في مخيم عين الحلوة… مأساة لم تنته..

فاطمة مجذوب – طريق القدس/لبنان

دبّت المأساة في منازل أهالي مخيّم عين الحلوة منذ بداية عام 2017 لاسيما اهالي الشارع الفوقاني منه احياء “سميرية وطيطبا والصفصاف وعرب زبيد والراس الاحمر وعكبرة وحي الصحون” ، فاتخذوا اهالي هذه الاحياء  أرضية الجوامع وبيوت الاقارب ملجأ لهم، حياة مأساويّة فقيرة وغير صحيّة اجتمعت في مكانٍ واحد، يناشدون الاونروا والقيادات للنظر الى حالهم واللحاق بهم والتعويض لهم، فتجاوبت الاونروا بتعويض خجول فقط لحي الطيرة اما عن باقي الاحياء فلم يشملهم قرار الاونروا، والقيادات كلٌ في مقعده يصرح ويوعد وعند التطبيق “لا حياة لمن تُنادي”.

عام 2017 كان عام دموي في مخيم عين الحلوة، معركتان متتاليتان كانتا كفيلتا لتهديم الحجر وتهجير البشر لتبقى اغلب احياء الشارع الفوقاني نقطة حرب مهجورة، وللعودة للوراء وتوضيح تداعيات هذه الاشتباكات التي اوصلت الشعب الى ما هو عليه اليوم.

ان المجموعة التي يتزعمها بلال بدر (في أوائل الثلاثينات من عمره) قريبة من تنظيم القاعدة، وهو يختلف هنا مع محللين آخرين يعتقدون أن المجموعة قريبة من فكر تنظيم داعش، أو للتيار السلفي الاسلامي، فقد أُطلق على هذه المجموعة الكثير من الالقاب، فاتخذت مقرا لها في حي الطيري، بالإضافة إلى مقر ثانٍ في الشارع الفوقاني حيث يوجد نفوذ للجماعات الإسلامية، ويقدر عدد أفراد المجموعة بين 50 و60 عنصرًا، لم يكن مرغوب بهذه المجموعة من كل الاهالي والجهات، وفي نيسان الماضي قررت القوى الوطنية والإسلامية في المخيم التدخل لوضع حل لهذا الفلتان، وتم الاتفاق على تشكيل قوة مشتركة تمثل فتح فيها 60% بالمئة، فيما تمثل الفصائل الإسلامية والوطنية من خارج المنظمة 40%، على أن تنتشر هذه القوة في جميع شوارع المخيم لاسيّما تلك القريبة من مكان بلال بدر، والذي تعهد بدوره لعصبة الأنصار والحركة الإسلامية المجاهدة بعدم التعرض لهذه القوة، لكن مع انتشار القوة لم يفِ بدر بتعهده  فقد اطلق النار على القوة المشتركة  مما أدى لإصابة عدد من أفرادها الأمر الذي فجر القنبلة الموقوته، حيث اندلع اشتباك بين بدر وأعوانه والمدعو بلال العرقوب من جهة وعناصر القوة الامنية من جهة اخرى، كانت هذه الاشتباكات الاعنف منذ فترة طويلة، حيث استخدمت فيها العديد من انواع القذائف والرشاشات، استمرت هذه المعركة لأيام معدودة بليلها ونهارها لم تهدأ وتيرة الاشتباكات، وعندما انتهت هذه المعركة نتج عنها: -مغادرة بلال بدر منطقة الطيري بأكملها إلى جهة مجهولة داخل المخيّم.

– عدم انسحاب فتح من أطراف الجهة الجنوبية من الطيري باعتبار أنّ التقدّم إليها كلّفها خسائر بشرية. -كما وخرج من رحمها اضرار مادية وراح ضحيتها بشر مدنين، جعلتنا نعود الى عام 1948 لتكون نكبتنا الثانية.

 

مع مرور اشهر معدودة وكأنها قيلولة للمقاتلين ورحمة للمدنيين، الا ان جاء مساء اليوم المشؤوم يوم 17 آب على اهالي المخيم، بدأت المعركة حين أشعل المدعو بلال العرقوب فتيل التوتر في سوق الخضار (الشارع الفوقاني)، ودخل قاعة اليوسف حيث متواجدة القوة الأمنية المشتركة واستولى على عدد من أسلحتها. فتح التي سبق وحذرت العرقوب وبدر مرارا وتكرارا ردّت بقوة النار، وقتلت النجل الاصغر لبلال العرقوب “عبيدة” (16 عاماً) الذي كان برفقته. لم تكتفِ فتح بذلك، بل توجّهت إلى بيته القريب من حي الطيري لتحرقه وتشرّده هو وعائلته، وفي لحظتها ناشد العرقوب العديد من الاسلامين منهم بلال بدر، إلا أنه لم يلقَ أي دعم، باعتباره معتدياً أجمعت الفصائل على تأديبه. تزامناً مع هذا الإشكال الذي حصل مع العرقوب، تسللت مجموعة تابعة لقائد الأمن الوطني في صيدا محمد العرموشي، يوم السبت في 19 آب، الساعة الثانية إلا ربعاً، إلى حي الطيري بهدف اعتقال بلال بدر، الا ان بدر كان على علم مسبق بكل ما يحضر له، فما كان منه إلا أن ظهر ومجموعته التي كانت تنتظر صد الهجوم. اشتعلت حدّة المعركة وبدأ الاخذ والرد بعنف من قبل الطرفين حيث تحول الشارع الفوقاني للمرة الثانية خلال سنة الى نهر بارد ثاني، وعندما سُحِب فتيل التوتر بعدما دمّرت الأحياء وشُرّد العشرات من الفلسطينيين وترك المخيم عشرات الشباب نحو اوروبا، من دون أن تحقق حركة فتح للمرة الثانية هدفها بالقبض على بلال بدر، اعتبر البعض هذا الموقف هو انتصار لبدر، والبعض الاخر اعتبره ان حركة فتح فرضت سيطرتها وضمت الطيرة لها.

بعد كل هذا انفجرت قنبلة الصبر لدى الدولة اللبنانية اتجاه الفلسطيني خاصة ابن مخيم عين الحلوة، حيث شهد المخيم فترة تجاوزت الاسبوع بتدقيق ملحوظ على الحواجز شمل هذا التدقيق كل المدنيين من نساء واطفال وشيوخ ورجال، حيث وصل هذا التدقيق الى منع باصات المدارس من الدخول الى المخيم  كما مُنع اصحاب نقليات توزيع الخبز من الدخول بالإضافة لمنع شاحنات الخضار الدخول ايضا.

اذا هو سيناريو تراجيدي  معاناته لم تنتهي بعد، كل يوم تكشف تفاصيل جديدة وحكايات اوجاع الشعب الفلسطيني الذي لم تغمض عينه منذ النكبة، فقد اعتاد هذا الشعب الخذلان والقهر.

فمن الذي سيعوض للبشر خسائرهم؟ وهل يا ترى لا تزال وعود القادة، وعود صادقة بالنسبة لهذا الشعب، ام انها باتت وعود ساقطة وفلسفات مكشوفة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى