مخاوف نتنياهو ومعضلة بينيت
في اللحظة التي اتخذ فيها نفتالي بينت قراره بالتوجه إلى الكنيست، تداعى التنظيم الهش في الوسط السياسي
الصهيوني على نفسه، وأصبح الجميع، في الائتلاف والمعارضة أمام أسئلة تجنبوا مناقشتها بينما كان الصراع قائما،
فبالنسبة للائتلاف عاد السؤال الأصلي (إلا بيبي) وهو التحدي الذي جمع الائتلاف الغريب، وبالنسبة للمعارضة،
(مع بيبي) وهو الشعار الذي تمحورت عليه عملية وجهد إسقاط الحكومة.
الآن أصبح الجميع أمام معضلاتهم ومخاوفهم، وستكون الأشهر القادمة عبارة عن ساحة حرب حزبية على هذين
الشعارين بالتحديد.
في داخل الائتلاف، تجاوز لابيد صدمته بأنه لم يكن شريكا أًصليا في اتخاذ القرار، وإن كان انضم بسهولة إلى الإعلان
كونه يصب أصلا في مصلحة طموحه للجلوس في مقعد رئيس الوزراء وكان يكفيه أن يفي بينيت بوعده ويلتزم بآلية التناوب.
الشريك الآخر بني غانتس، ترك في العراء، لم تتم استشارته أصلا، بل أبلغ مثل الآخرين، وبينما كان يقاتل لاستباق
الوقت لجلب رجله إلى رئاسة الأركان، تمت الإطاحة بالخطة، وسرعان ما تلقفت العارضة الفرصة للنيل منه: رئيس
الأركان تعينه فقط الحكومة القادمة.
أما شريكة بينيت شاكيد وزيرة الداخلية فقد كانت صدمتها أكبر، إذ اتصلت ببينيت قبل 15 دقيقة من الإعلان كطالبة
بالتأجيل حتى عودتها من الولايات المتحدة، ولكنه لم يقبل وتجاهل الطلب، ما دفعها للركض إلى أقدام نتنياهو والإعلان
إنها جاهزة للخدمة معه.
والسؤال الآن الذي يواجه بينيت ولابيد، هو كيفية إعادة تنظيم كتلة “ليس بيبي” في الفترة التي تسبق الانتخابات
القادمة، فهناك نظرة أن بينيت قد احترق، ولن تكون له الفرصة للعودة إلى المنصب، حتى لو تجاوز (يمينا) نسبة
الحسم، وربما زادت مقاعده، ولكنها زيادة على حساب الائتلاف نفسه وليس على حساب المعارضة،ما يعني في النهاية
تعزيز المحور اليميني مضافا إليه بينيت، واليمينيون (أعضاء يمينا) يضغطون على بينيت لمواصلة الحرب، إذ بدونه على ما
يبدو سيواجه “يمينا” صعوبة أكبر في تجاوز نسبة الحجب، حي أظهر استطلاع للرأي أجرته القناة (12) هذا الأسبوع أنه
ليس لديه ناخب واحد على اليمين – وسيتم اقتسام مقاعده بين يش عتيد وليبرمان وغانتس، والسؤال الكبير هو ماذا
سيكون مصير أعضاء حزبه إذا تقاعد؟
في غضون ذلك ، حتى من جانب نتنياهو، الوضع ليس بسيطا، على الرغم من استطلاعات الرأي، كان المحيطون به يأملون أن يؤدي حل الكنيست في قراءة أولية إلى تحسين فرص تشكيل حكومة بديلة في هذه الكنيست، واعتقدوا أن الرعب من نسبة الحجب من شأنه أن يخفف المواقف، ولكن في وقت مبكر من يوم الثلاثاء، تم عرقلة الجهود التي بذلت في مواجهة “الأمل الجديد” حيث جدعون ساعر ليس مستعدا للتعاون، كما استنتج كبار مسؤولي الليكود إلى أن نتنياهو ليس مهتمًا حقًا بحكومة بديلة تعمل، ولكن بأداء اليمين وإسقاطها في وقت قصير من أجل أن يصبح رئيسًا للوزراء إذا دخلت “إسرائيل” في جولات لا نهاية لها من الانتخابات. ويعترف الليكود أيضًا بأن تشكيل حكومة أخرى في هذه الكنيست سيكون أمرًا صعبًا للغاية عندما يكون رئيس الكنيست رجل “يش عتيد” ولا يمكن تغييره، أيضا غانتس رفض التعاون مع الليكود وإن كان بأدب أكثر.
يخشى نتنياهو ألا تكون هناك فرصة هذه المرة، سيتم تنظيم الكتلة المعارضة له هذه المرة بشكل أكثر تجانسا ، وإذا لم يكسر أحد الخطوط ووافق على الجلوس معه، فسيواجه مشكلة خطيرة – إذ سيكون لابيد رئيس الوزراء الانتقالي في جولة أخرى، و الأرثوذكس المتطرفون قد يفقدون صبرهم بالفعل، وبالتالي يضطر نتنياهو للتعامل مع هذه الحملة الانتخابية كاستعصاء كبير.