ثقافة

مجلّة «أوروبّا» الفرنسية تحتفي بمحمود درويش

جاء عدد يناير – كانون الثاني 2017 المزدوج من المجلّة الأدبية الفرنسيّة الشهيرة «أوروبّا» Europe، مخصّصاً لدراسة آثار الشاعر الفلسطينيّ محمود درويش وسيرته.

المجلة تخصّص دوريّاً لكبار الكتّاب أعداداً خاصّة تكلّف بالإشراف عليها بعض المختصّين بأعمالهم، وقد وُضع هذا العدد بإشراف الشاعر والأكاديميّ العراقيّ المقيم في فرنسا كاظم جهاد.
وحمل الغلاف الأخير فقرات مجتزأة من مقدّمة المشرف على العدد جاء فيها:

«لن يكون من مبالغة في القول إنّ محمود درويش، في عمله الواسع والمتنوّع كما في حياته التي عاشها واضطلع بها كمثْل أثر فنّيّ، إنّما يلخّص ويجسّد كاملَ تاريخ فلسطين الحديث. تعرضّ هو وعائلته للترحيل أسوةً بالآلاف من الفلسطينيّين في 1948، ثمّ عاد إلى بلاده «متسلّلاً» وصار لاجئاً على أرض وطنه. ثمّ تكبّد في شبابه الحبس والإقامة الجبرية مراراً، بعدما صار شاعراً وكاتباً. واعتباراً من 1970 التحق بفلسطينيّي الشتات، وانتقل إلى القاهرة فبيروت فتونس فباريس. عبْرَ كلّ هذه المراحل، شهدَ درويش كلّ الجراح، وكلّ الخسارات، وكلّ المنافي وجميع التحوّلات. عاش سنيّه الأخيرة بين عمّان ورام اللّه، حيث جابه هذا الوضع العصيّ على الاحتمال الذي سمّاه هو نفسه «حيرة العائد» وكتب بخصوصه:
«أتيتُ ولكنّني لم أصلْ    وجئتُ ولكنّني لم أعدْ». هي عودة مصادرة بالعيش القلِق على أرض يقضمهاا المستوطنون أكثر فأكثر كلّ يوم، وبوضعٍ يشهد فيه الفلسطينيّون يوميّاً مضايقات جمّة وتقييداً للحركة وتفتيشاً متواصلاً.
«تطوّر درويش في عمله الشعريّ من القصيدة البسيطة أو الأغنية إلى النشيد الواسع المعقّد المتين البناء.. عُني بالتعبير عن الخسارة والمنفى في نفَس شعريّ شاء له أن يكون تراجيديّاً أكثر منه ملحميّاً. فكّك الخرافات وأبان عن أنّ زمن الأساطير قد ولّى ولم يعد له من وجود أمام التاريخ والحقيقة العارية للحياة. أبان للمحتلّ والغازي عن خسران سعيه على المدى الأبعد، ورفع تجربة الهنود الحمر والأندلس المتعدّدة الثقافات وفلسطين إلى مصافي استعارات كونيّة للحنين، هذا الشعور الطاغي الذي ينخطّ فيه جلّ عمله. وفي أشعاره الأخيرة التحم بحركة تيهٍ إنسانيّ شامل، وبنى ملحمة سكّان الهوامش والظلال، وأعرب عن اندفاعة أصيلة وسخيّة تجذبه دوماً إلى الغريب والهائم والمتوحّد والمترحّل، إنسان العبور بعامّة. وإلى جانب عمله الشعريّ، وضع درويش عملاً نثريّاً لا جدال في جماله وأهميّته».
المجلّة المذكورة من أهمّ المجلّات الأدبية في أوروبّا، يقرب عمرها من مئة سنة، أسّسها الروائيّ رومان رولانن في 1923، ومن محرّريها السابقين بول إيلوار ولوي أراغون وجان كاسو وإلزا تريوليه، ويرأس تحريرها منذ سنواتٍ الشاعر والناقد والمترجم الفرنسيّ جان باتيست بارا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى