شؤون العدو

مبروك، ولد للعرب غيتو آخر

 بقلم: عودة بشارات – هآرتس

الزعيم السياسي نمر مرقص المتوفى روى قصة ذات مرة عن أحد فلاحي احدى القرى، الذين جاءوا قبل بضع سنوات لتهنئة صديقهم بمناسبة ولادة إبنه، الذي قال لهم: اذهبوا وباركوا للسادة، لقد ولد لهم خادم جديد. هذه هي طريق الحياة. الفقراء يولد لهم أبناء فقراء، والاغنياء يولد لهم أبناء اغنياء. هكذا ايضا بالنسبة للبلدات: سفيون الغنية تجلب للعالم قيصاريا الاكثر ثراء، والقرية العربية ستلد غيتو آخر.

مبروك. بعد سبعين سنة من الآلام ستنشيء الدولة مدينة عربية، تكون مكتظة لدرجة الاختناق، كما قال البروفيسور يوسف جبارين في المؤتمر الاقتصادي لـ “ذي ماركر” في الناصرة في الاسبوع الماضي – 19 ألف وحدة سكنية سيتم بناءها على مساحة تبلغ 2700 دونم. والمثل العربي يقول “صام طول اليوم وأفطر على بصلة”. وحسب اقوال جبارين المدينة ستكون مكتظة أكثر بضعف ونصف من تل ابيب، ذروة اللامعقول: في الناصرة العليا يعيش الآن حوالي 40 الف نسمة على مساحة 33 ألف دونم، وفي الناصرة العربية التي عمرها آلاف السنين يعيش 76 ألف نسمة على مساحة 14 ألف دونم.

لقد شاركت، للاسف، في الجزء الاخير من النقاش الاول في المؤتمر. وقد تحدث هناك المحامي ايرز كمنتس، نائب المستشار القانوني للحكومة. وقد سألته اذا كان هذا هو الرجل الذي سميت على اسمه الخطة التي سيؤدي تنفيذها حسب التقديرات الى هدم حوالي 50 ألف منزل لم تحصل على رخصة بناء. عندما كانت الاجابة بنعم، أصبت بخيبة أمل. لقد اعتقدت أن شخصا مثله يقض مضاجع آلاف الاولاد العرب وعائلاتهم، يجب عليه أن يظهر بصورة اخرى أكثر صلابة. وهنا، لخيبة أملي، فان هذا الرجل الذي يقوم بهدم المنازل، يبدو رجلا لطيفا.

للدهشة، عندما سمعت جزء من اقوال المحامي كمنتس عن ضرورة التسوية في الوسط العربي، فقط وافقته. فالامر يتعلق بقليل من النظام، بدل أن يكون في العلبة الواحدة عشر قطع من السردين البشري، ستحتوي بتدخل الدولة على 20 قطعة.

البروفيسور جبارين يعتقد أن سخاء الحكومة لاعطاء تراخيص البناء للعرب الهدف منها منع سكن العرب في البلدات اليهودية. هذا جيد. والعرب سيكونون مسرورين بهذا الانجاز حتى لو كان بسبب الخوف من افساد المدن اليهودية بالعرب. ولكن الرأس العنصري (ليس اليهودي، لا سمح الله) يقوم بالخطوة المطلوبة بتشويه فظيع: اوروبا حاصرت اليهود في غيتوات، والآن اليهود يحاصرون العرب في غيتوات.

في المقابل، على نفس الارض، يتم انشاء غيتوات من نوع آخر. صحيح أنها واسعة، لكنها تشبه الغيتوات المخصصة فقط لليهود. وليس مجرد يهود، بل يهود يبحثون عن حياة جيدة، ولا يعنيهم اذا كانت منازلهم تتسبب ببؤس حياة سكان المنطقة المحيطة، الذين يتم خنقهم بسبب النقص في الاراضي التي سلبت منهم.

يوجد بين سكان غيتوات اليهود أناس طيبون، يعتبرون التعايش المشترك مع العرب عزيزا على قلوبهم. بين الفينة والاخرى يستضيفون عربا في الغيتو الواسع الخاص بهم، والعرب من ناحيتهم يستضيفونهم في الغيتو المكتظ الخاص بهم. وهناك تكون جولة من البكاء تفطر القلوب. هؤلاء يبكون واولئك يمسحون الدموع، وبعد ذلك كل واحد منهم يعود الى الغيتو الخاص به. أحدهم الى الغيتو الواسع والآخر الى الغيتو المكتظ.

حسب تقديري المتواضع، دموع العرب جفت، ومناديل اليهود الجيدين نفدت.

لقد حان الوقت لتغيير الطقوس. مطلوب من سكان هذين الغيتوين الجيدين أن يصرخوا وأن يطالبوا بتوقف الغيتو الواسع عن أن يكون غيتو. قبل كل شيء من اجل الصحة النفسية لساكنيه.

في المرحلة الاولى يجب عليهم دعوة العرب للسكن في الغيتو الخاص بهم، واذا ثارت معارضة على ذلك، فيجب أن يكون نضال على شكل اليشوف الجماعي: هل هو يشوف عنصري أو يشوف انساني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى