مبادرة ترامب للسلام موتها المعروف مسبقا
بقلم: بن درور يميني – يديعوت
الاسبوع الماضي، في واشنطن، سمعت من اعضاء معاهد البحث المقربة من اذن ادارة ترامب أن مبادرة السلام الجديدة للرئيس توشك على التجسد قريبا. ففي الاسابيع القريبة القادمة، كما تقول الشائعات، ستعرض على الطرفين. وكل ما يعرفونه، وكل ما نشر حتى الان، أكثر غموضا من أن نتناول الصيغة الجديدة بجدية. فالمخفي حاليا هو الاعظم.
ولكن ينبغي قول الحقيقة. ليس هاما ماذا ستكون عليه مبادىء الصيغة الجديدة، واضح بقدر عال جدا من اليقين بان المبادرة الجديدة لن تؤدي الى اتفاق. العكس هو الصحيح، فهي ستعيق الاحتمال بالتسوية لانه مع كل الاحترام لترامب، فانه لن يعيد اختراع الدولاب، كما ليس هاما ما سيعرضه على الفلسطينيين. فجوابهم معروف مسبقا. ليس بسبب أن الخطة ستكون سيئة بهذا القدر. ليس بسبب انها لن تمنحهم دولة. هم سيقولون “لا” لان هذا هو ما يعرفون قوله. الخطة الوحيدة حتى الان التي قالوا لها “نعم” هي المبادرة السعودية – العربية.
ثمة جدال حول عنصر في المبادرة يعنى بمسألة اللاجئين، والتي هي المسألة الاصعب. كانت هناك حتى تصريحات من زعماء عرب توضح بان الحديث لا يدور عن “حق العودة”. هنا وهناك كانت حتى تصريحات من زعماء فلسطينيين فهم منها التنازل عن حق عودة جماهيرية. ولكن في الزمن الحقيقي، على طاولة المفاوضات، رفض الفلسطينيون كل مبادرة لم تتضمن عودة جماهيرية. أو، كما قال نبيل شعث، وزير خارجية السلطة سابقا وأحد اعضاء فريق المفاوضات: “نحن نقصد دولتين – واحدة فلسطينية، واخرى ثنائية القومية”. ويعتبر شعث واحد من أكثر المعتدلين في القيادة الفلسطينية.
وعليه، كما اسلفنا، ليس هاما ماذا ستكون عليه الخطوط الهيكلية لمبادرة السلام من انتاج ادارة ترامب – الجواب الفلسطيني سيكون سلبيا. صعب قليلا أن نفهم كيف يجد الاشخاص الاذكياء في قيادة الادارة الامريكية، السابقة مثلما هي الحالية، صعوبة في أن يفهموا الامر. وحتى الموافقة العربية على صيغة ترامب لن تجدي نفعا. فقد كانت في حينه موافقة عربية ذات مغزى لصيغة كلينتون، ولكن هذا لم يقنع عرفات. فقد قال لا.
يحتمل انه كان ممكنا قبل عقدين الوصول الى صيغة دولتين للشعبين. ففي العام 1988، أعلن عرفات، بضغط امريكي، عن الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية. بعد سبع سنوات من ذلك تبلورت مسودة اتفاق بيلين – ابو مازن، والتي لم تتضمن حق عودة الى داخل اسرائيل. غير أن هذا تاريخ. في العقدين الاخيرين أخذ الموقف الفلسطيني في التطرف. فالفلسطينيون جعلوا رفض الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية احد مبادئهم الاساس.
وحصل شيء آخر في العقد الاخير منظومة واسعة من الدعاية ما بعد الصهيونية والمناهضة لها، في العالم الحر وفي داخل اسرائيل توفر مبررات للموقف الفلسطيني الاخذ في التصلب. “يجب الاعتراف بحق العودة”، كما يوعظهم ممثلو النخب التقدمية. ومع موقف كهذا، يعزز “التقدميون” على اصنافهم معسكر الرفض الفلسطيني. فاذا كان هذا هو ما يقوله لهم الاوري افنيريون، في العالم وفي اسرائيل، فلماذا يعرضون موقفا اكثر اعتدالا؟
في هذه الاثناء فان كل جولة مفاوضات فاشلة تعزز فقط اليمين المتطرف في اسرائيل، الذي يسخر بالمساعي للوصول الى سلام. والنتيجة ليست جمودا. النتيجة هي اتساع آخر لمشروع الاستيطان، وليس فقط في داخل الكتل بل وايضا خارجها. الفلسطينيون يتطلعون الى دولة واحدة كبرى. واليمين المتطرف، الذي له تمثيل في الحكومة، يصبح ذراعهم التنفيذي.
هذا لا يعني انه يجب ان نيأس. هذا فقط يعني انه بدلا من مبادرة سلام اخرى، وبدلا من السعي الى اتفاق، والذي في الظروف الراهنة ليس هناك أي احتمال لتحقيقه، توجد حاجة للسعي الى تسوية. ولغرض الامر يمكن أن نتبنى جزءا من الخطوط الهيكلية لمبادرة السلام التي سبق ان وضعت على الطاولة في الماضي وتنفيذها، في ظل خلق فصل ديمغرافي (بما في ذلك الوقف التام للبناء الاسرائيلي خارج الكتل)، مع سيطرة أمنية في غور الاردن وفي نقاط امنية اخرى. “خطة القادة”، التي اسمها الرسمي “الامن اولا”، تضع خطوطا هيكلية لمثل هذه التسوية.
يحتمل أن يفهم الفلسطينيون في يوم من الايام بان قول “لا” يدحرجهم من سيء الى اسوأ. ولكن لا حاجة لانتظار الصحوة. لا حاجة للقول اليوم سيأتي. هناك حاجة لجلب هذا اليوم. ان لم يكن الحكومة الحالية، فلعله إذن، ولعله فقط، الحكومة القادمة.