لماذا تقف الولايات المتحدة ضد الاكراد؟
بقلم: زلمان شوفال – اسرائيل اليوم
“الاستفتاء الشعبي ونتائجه غير شرعيين”، هكذا صرح ريكس تلرسون، وزير الخارجية الامريكي حول المجريات الاخيرة في كردستان. أقوال مشابه اطلقها السفير الامريكي في بغداد، داغلاس سيلمان، ومبعوث الرئيس ترامب الخاص، بيرت مكغرك.
تثير المعارضة الامريكية للاستقلال الكردي بعض المنسيات. فقبل 70 سنة، عندما أعلنت قيادة الحاضرة اليهودية في اسرائيل عن نيتها الاعلان عن الاستقلال، شرعت وزارة الخارجية الامريكية باعمال نشطة، ترافقت بعض الاحيان بالتهديدات لاحباط القرار. وزير الخارجية في حينه، الجنرال جورج مارشل، الرجل المكلل بالمجد من الحرب العالمية الثانية، وكل مؤسسة سياسة الخارجية والامن الامريكية وقفت ضد اقامة الدولة اليهودية.
مبرراتهم الرسمية (اضافة الى النبرات اللاسامية التي سادت في وزارة الخارجية والمؤسسة الامنية والاستخبارية الامريكية) كانت مشابهة جدا لحجج واشنطن ضد الاستقلال الكردي، اي ان الامر سيهز استقرار المنطقة. في حينه والان ايضا، للنفط دور في موقف الولايات المتحدة: في حينه خاف الموظفون الامريكيون من أن تأييد الدولة اليهودية سيعرض للخطر توريد النفط العربي الحيوي لامريكا وسيعرض للخطر علاقاتها مع العالم العربي بشكل عام، وهذه المرة ايضا تخشى امريكا من أن تكون نية الاكراد السيطرة على كركوك، احدى محافظات النفط الاساسية في العراق، ستمس بفرص العلاقات الطيبة التي تطورها مع حكومة بغداد، بما في ذلك شؤون النفط.
تحاول واشنطن اقناع الاكراد بانها بالاجمال تطلب منهم “تأجيل” اعلان الاستقلال الى موعد اكثر راحة، وربما في حينه، في 1948، قصدت الادارة الامريكية، بتشجيع من وزارة الخارجية البريطانية، الغاء اقامة الدولة من خلال اقامة نظام وصاية دولية في بلاد اسرائيل. الامم المتحدة هي الاخرى تحاول اقناع الاكراد الاكتفاء باقتراح حل وسط بموجبه “يتأجل” استقلالهم مقابل منحهم كل انواع الحقوق والامتيازات، في اطار العراق الموحد. وفي 1948 ايضا كانت الامم المتحدة نشطة عندما اقترح اللورد برنادوت قطع النقب والقدس عن اسرائيل.
بينما معارضة ايران، العراق وتركيا – التي لديها اقليات كردية كبيرة – على اقامة كردستان مستقلة هي معارضة مكشوفة، من الاصعب تعليل الموقف الذي تتخذه الادارة الامريكية. فواشنطن تدعي بان اعلان الاستقلال الكردي يمس ظاهرا بالحرب ضد داعش ولكن “البشمركا” الجيش الكردي، يتطلع الى طرد داعش من الاراضي التي ترغب كردستان في حيازتها. وهذه المصلحة ستكون قائمة بقوة اكبر بعد قيام استقلالها.
فضلا عن الجانب الاخلاقي، من الصعب الا نعجب من الخطأ الذي يملي الموقف الامريكي الحالي، بمعنى أن منع الاستقلال الكردي والحفاظ على وحدة الدولة العراقية المصطنعة سيضمنان نفوذ واشنطن في المنطقة، بينما عمليا ايران هي التي تسيطر اكثر فأكثر في الساحة. مثلما في حينه بالنسبة لاسرائيل، الان ايضا تتعرض الدولة الجديدة، اذا ما قامت، بالعنف منذ يومها الاول. في حينه كانت هذه الدول العربية، اما هذه المرة فحكومة العراق وربما ايران وتركيا.
شخصان وضعا في حينه كل المؤامرات المذكورة الى الرب – دافيد بن غوريون، الذي فهم بانه كانت في حينه لحظة مناسبة للشعب اليهودي لن تتكرر، والرئيس ترومان، الذي رغم موقف اغلبية مستشاريه قرر الاعتراف بدولة اسرائيل فور اعلان استقلالها. فهل مسعود البرزاني، الرئيس غير المتوج لاقليم كردستان والرئيس ترامي سيسيران في اعقابهما؟