شؤون العدو

لا مفر من الاخلاء.. نوايا طيبة في الطريق الى جهنم

بقلم: حاييم رامون – يديعوت 

بين الحين والاخر تطلق الى آذان الجمهور فكرة عابثة، تأسر القلب وتبدو “ابداعية” سطحيا: “لماذا تخلى المستوطنات في يهودا والسامرة في تسوية سلمية مع الفلسطينيين؟ فمثلما يعيش العرب في دولة اسرائيل، فليعش اليهود تحت سيادة فلسطينية، فيأتي الخلاص لصهيون وفلسطين”. حسب الشائعات، فان “المبادرة الامريكية” هي الاخرى تتحدث عن أنه لن تخلى أي مستوطنة. النية طيبة، ولكنها ستؤدي الى جهنم وليس الى جنة سلام وتعايش.

من المجدي ان نفحص بعمق الاقتراح الذي يبدو ظاهرا معقولا، وقبل كل شيء – المعطيات: يعيش اليوم في يهودا والسامرة نحو 400 الف مستوطن، اضافة الى سكان الاحياء اليهودية في القدس التي خلف الخط الاخضر والذي من واضح للجميع انهم لن يخلوا في أي اتفاق. نحو 300 الف منهم يعيشون في الكتل الكبرى، والتي يوجد حولها ايضا اجماع وطني. وحتى ممثلو السلطة الفلسطينية وافقوا على الا تخلى هذه الكتل في اطار الاتفاق، مقابل تبادل الاراضي.

اذا كان كذلك، فالحديث يدور عن 100 حتى 110 الاف مستوطن خارج الكتل في ارجاء يهودا والسامرة. وحسب استطلاعات اجريت في عهد حكومة اولمرت فان نحو 70 حتى 80 في المئة منهم سيخلون في نهاية المطاف طوعا أو بالتوافق، ولا سيما لانهم لن يرغبوا ان يعيشوا تحت سيادة فلسطينية. من سيبقى؟ نحو 20 الف، هم النواة الاقسى والاكثر تطرفا من المستوطنين، وعلى رأسهم فتيان التلال. فكلهم تقريبا سيبقون ليس كي يعيشوا بسلام مع جيرانهم العرب تحت حكم فلسطيني بل كي يفجروا الاتفاق. وستكون صدامات يومية من كل نوع وطراز بينهم وبين الفلسطينيين. وسيضطر الجيش الاسرائيلي الى التدخل كي يحافظ على سلامة مواطني اسرائيل هؤلاء، وهذا سيؤدي الى مواجهات محتمة مع الشرطة الفلسطينية في اللحظات الحساسة لبداية تطبيق الاتفاق. في كل الاحوال، واضح أن بقاءهم معناه قنبلة موقوتة ستفجر الاتفاق آجلا أم عاجلا.

اولئك الذين يقولون: “لماذا لا يعيش اليهود في دولة فلسطين مثلما يعيش العرب في دولة اسرائيل”، نسوا على ما يبدو بان السكان العرب في اسرائيل هم مواطنون ملزمون بالولاء للدولة ولقوانينها. فهل يقترحون ان يكون اليهود الذين يبقون مواطنين في دولة فلسطين وملتزمين بالولاء لفلسطين؟ حتى اولئك الذين يقترحون بان اليهود الذين سيعيشون في فلسطين سيكونون مقيمين دائمين، مثل العرب المقيمين الدائمين في شرقي القدس وليسوا مواطنين اسرائيليين، يتجاهلون الواقع: المقيمون الدائمون هم ايضا ملزمون بالولاء وبالطاعة للدولة التي يقيمون فيها.

ان هذا الاقتراح ليس تهربا من الحاجة الى الحفاظ على اسرائيل كدولة اليهود. ستكون حاجة الى اخلاء المستوطنين من خارج الكتل. وبالتأكيد سيكون هذا أليما، قاسيا، مركبا ومعقدا. فهؤلاء المستوطنون استوطنوا خارج الكتل ليس لانهم كانوا معوزي سكن بل لاسباب سياسية وايديولوجية. ورأى اسحق رابين في المستوطنات المنعزلة مستوطنات سياسية لا حاجة أمنية أو صهيونية لها. واليوم ايضا فان هدف المستوطنات المنتشرة خارج الكتل هو، بنهج المستوطنين، لاحباط حل الدولتين ولخلق دولة ابرتهايد ثنائية القومية – بوعي أم بغير وعي.

وعليه، فلا مفر من الفصل. لا يمكن تأييد الفصل من خلال حل الدولتين، وفي نفس الوقت الاعتراض على اخلاء المستوطنين الذين خارج الكتل الاستيطانية. هل نحن سنكون هنا (بما في ذلك الكتل)، والمستوطنون سيكونون “هناك”؟ واجبنا سيكون اخلاء اليهود الذين يعيشون خارج الكتل الى داخل الكتل أو الى أي مكان يختارونه في داخل اسرائيل السيادية.

سيسأل السائلون: لماذا الانشغال بذلك الان؟ فبرأي الكثيرين “لا يوجد شريك”؟ ولكن حتى لو كان هذا صحيحا، فمعنى الامر هو ان نتمسك بالوضع الراهن طالما لا يوجد شريك، وندع اعداءنا يقررون مصيرنا. هذا بالضبط ما يريده بيبي – بينيت. في هذا الوضع من واجبنا أن نفعل ما هو جيد لليهود وان نقرر من طرف واحد ماذا ستكون حدود اسرائيل: الكتل الاستيطانية الاساس ستكون جزءا من دولة اسرائيل؛ كل أرض لا تندرج فيها لن تكون في إطار التسوية النهائية جزءا منها.

مع اتخاذ القرار في حدود الفصل يعرض على المستوطنين الذين من خارج الكتل تسوية اخلاء طوعية مع بدائل مختلفة، وعلى رأسها الاستيطان في حدود الكتل، مفهوم من تلقاء ذاته ان الجيش سيواصل العمل في ارجاء يهودا والسامرة بالضبط مثلما يعمل الان. هذا، وهذا فقط، هو السبيل في الواقع القائم والذي سينقذ دولة اليهود ويخرجها من السير نحو جهنم ثنائية القومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى