قطف العكوب في الأغوار.. مصدر رزق قد ينتهي بالاعتقال
“الذهب الأخضر”.. هكذا يسميه المزارعون والتجار في مدينة نابلس في إشارة إلى نبتة العكوب التي تحتل مكانة مهمة في الأسواق النابلسية وموائد النابلسيين، الأمر الذي يجعل الكثيرين ينتشرون في كل مكان باحثين عن هذه النبتة، فيما يعد جمعها مهنة موسمية ومصدر رزق لا يستهان به.
وتعدّ جبال منطقة الأغوار الشمالية واحدة من المناطق التي تزخر بهذه النبتة البرية، الأمر الذي يجعلها مقصدا لكثير من الباحثين عن رزقهم، حيث ينتشرون بين شعبها وأوديتها وتلالها باحثين عنها بين الأشواك والأعشاب لعلهم يظفرون بجزء من الذهب الأخضر الذي سيعود عليهم ببعض الأموال.
ويشير الشاب الثلاثيني فادي بشارات، إلى أهمية قطف نبتة العكوب في هذا الموسم بالنسبة إليه؛ حيث يتهافت الكثير من المواطنين إلى شرائها بغض النظر عن ثمنها، ولا سيما في مدينة نابلس المشهورة بهذه الأكلة الشعبية.
يخرج بشارات في أغلب الأيام إلى منطقة جبال الأغوار باحثا عن هذه النبتة التي تدر عليه ربحا لا يستهان به، كيف لا وسعر الكيلو الواحد منها تصل في بداية الموسم ما يقارب 70 شيقلا في أسواق مدينة نابلس وحتى في أسوأ احتمالاتها تبقى هذه النبتة محافظة على سعر لا يقل عن 20 شيقلا للكيلو الواحد في نهايته على الأقل.
3 أكياس على الأقل ينجح بشارات في أغلب الأيام بقطفها قبل أن يعود أدراجه إلى أسواق مدينة نابلس؛ حيث ينتظره أحد التجار ليأخذ غلته في ذلك اليوم ليبيعها.
رحلة بشارات تلك في البحث عن النبتة، ليس سهلة على الإطلاق فالمخاطر التي تتهدده لا تخطر ببال أحد، فقطف تلك النبتة من وجهة قوات الاحتلال وما يعرف بسلطة البيئة الصهيونية، هي تهمة تستوجب الملاحقة والاعتقال والمحاكمة ومن ثم التغريم بمبالغ باهظة.
ويتابع: “في أكثر من مرة تم ملاحقتنا من ما يسمى بسلطة حماية البيئة التابعة للاحتلال، وكنا ننجو منهم بأعجوبة، ولكن الكثيرين ممن نعرف، قد وقعوا في أيديهم واعتقلوا لعدة أشهر، وغرموا غرامات باهظة بتهمة تخريب البيئة”.
والحال عند بشارات لا يختلف عن المواطن فتحي بلاونة، والذي هو الآخر عاش تجربة الملاحقة هناك في جبال منطقة الأغوار، وتحديدا في عين البيضا، حيث وجد نفسه في إحدى المرات ملاحقا من جنود الاحتلال الذين حضروا برفقة سلطة حماية البيئة، مستعينين بالمروحيات الاحتلالية.
ويرى بلاونة بأن مهنة جمع العكوب وبيعه لا تتعارض مع المحافظة على البيئة وحمايتها فهي خلقت للانتفاع بها من البشر كما أن الجبال مليئة بهذه النبتة التي تنمو بين الفينة والأخرى.
ويبرر بلاونة توجه عدد كبير من الناس نحو جمع العكوب وبيعه لما فيه من مكاسب مادية موسمية تجعل الكثيرين يحققون أرباحا لا يستهان بها، “فالنبتة موجودة بالمجان، والكميات كبيرة جدًّا والسوق يحتاجها باستمرار”.
ويعلق عارف دراغمة الناشط في مقاومة الاستيطان في منطقة الأغوار على إجراءات ما تسمى بسلطة حماية البيئة الإسرائيلية وملاحقتها لجامعي العكوب بالقول: “الاحتلال هو أكثر مدمر للبيئة؛ فجبال وسهول الأغوار تحولت إلى ميدان للرماية والتدريب، والاحتلال لم يدمر فقط العكوب بجنازير الدبابات، بل إنه أنهى حياة كثير من النباتات والطيور والحيوانات بفعل جرائمه اليومية في تلك المنطقة”.
ويقول دراغمة: “جمع العكوب مهنة ومصدر رزق، ولكن الاحتلال هو فعليا يدمر مقومات الحياة في البيئة الفلسطينية من خلال التجريف والقنابل والمستوطنات والمبيدات الحشرية وغيرها من الممارسات الأخرى”.