شؤون العدو

في عين العاصفة

بقلم: د. رويتل عميران – معاريف 

ليست السنة 1992، ورغم ما مر به المجتمع الاسرائيلي في الـ 25 سنة الاخيرة، بما في ذلك وهن نسغ التضامن، هبوط الثقة بالمؤسسات الرسمية، صعود التهكم والاعجاب بنزعة الاستمتاع، ثمة شيء واحد بقي مواطنو اسرائيل حساسين له في العام 2017 أيضا: رائحة نتانة المناورات السياسية.

ان الملاحقة الفزعة لقانون التوصيات هي التي أخرجت أول أمس جموع بيت اسرائيل الى الشوارع. كنت في المظاهرة. كان مكتظا. طاقات قوية. الكثير من الاهالي مع الاطفال. طبقة وسطى كلاسيكية، مثلما في كل مجتمع ديمقراطي معافى يحمل على كتفيه الاحتجاجات الجوهرية. غياب اليافطات الحزبية لعب في صالح أصالة الاحتجاج. من سمع النائبة ميراف بن آري (كلنا) في الصباح التالي، حين اعترفت بان ترددها في التصويت مع أم ضد القانون أقض مضجعها، فهم بان السياسيين لم يبقوا غير مبالين لعاصفة الشارع.

رغم المحاولات للتقليل من أهمية وقوة المظاهرة، فان رئيس الوزراء باحاسيسه السياسية يفهم جيدا معناها. وصحيح حتى كتابة هذه السطور يبدو أنه تأجل التصويت على قانون التوصيات، بل وادعى رئيس الوزراء بانه طلب الا يحل القانون عليه. ولكن مع القانون او بدونه، حسم الامر: يخيل أن الانتخابات اقرب من أي وقت مضى. حتى لو لم يكن الشركاء الائتلافيون معنيين بالانتخابات، فان الشارع ورئيس الوزراء، لاسباب متضاربة، معنيون باجراء اعادة بدء للساحة السياسية. والسؤال الوحيد المتبقي في الهواء هو هل الرسالة ضد الفساد ستتمكن من التسلل عميقا، فتنتشر في أوساط الشعب وتؤدي الى تنحية رئيس الوزراء أم أن رئيس الوزراء، باعلانه عن الانتخابات سيستبق الضربة بالعلاج وينجح في ابطال رائحة الفساد باقرار جدول أعمال أمني.

رسميا، نجح نتنياهو في تثبيت ولايته كرئيس لليكود حتى العام 2023. ويخشى خلفاؤه المحتملون من رفع رؤوسهم. ولكن هم ايضا يفهمون بانه اذا تعاظم خطاب الفساد، فسينزل نتنياهو الليكود معه الى الحضيض. وكتل ائتلافية كالبيت اليهودي و “كلنا” ممن يخافون عى سمعتهم الطيبة غير مستعدين لاخذ المخاطرة وبالتالي لن يترددوا عند الحاجة من التنكر لبيبي.

وبالتالي فان المعضلة الاساس توجد الان امام منافسي نتنياهو في الليكود، وعلى رأسهم جدعون ساعر، الذي توقع استطلاع “معاريف” الاخير لليكود برئاسته انجازا من 30 مقعدا. ينبغي الافتراض بان ساعر يوجد مع اليد على النبض كي يحاول تشخيص اللحظة المناسبة لخطوة تنحية زعيم حزبه. بالنسبة له، وبقدر معين بالنسبة لاسرائيل كاتس ايضا، فان الايام القادمة، أو الفترة القريبة، هي مثابة أن يكون أو لا يكون. اذا نجح رئيس الوزراء في ان يتصدر الامور باتجاه الانتخابات ويستبق انتشار رائحة الفساد الكريهة، فسيضطران الى طي أمانيهما السياسية لزمن طويل. ليس مؤكدا على الاطلاق ان يكون مجديا لهما الانتظار، ومنذ الان أخذ المخاطرة وتحدي زعامته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى