زيارات التطبيع.. وزير الخارجية المغربي آخر “الوفود السياحية” في القدس
تتقاطر إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة بين وقت وآخر، بعض الوفود العربية الرسمية منها، وذات الطابع الشعبي، كالفرق الرياضية والفنانين والصحافيين ورجال المال والأعمال بذريعة تلبية دعوة رئيس السلطة الفلسطينية وتشجيع من بعض رموزها. والهدف المتوخى من مثل هذه الزيارات كما يدعون، دعم الشعب الفلسطيني، عامة، والمقدسيين، بخاصة.
وآخر “السواح العرب” الذين لبوا دعوة “الرئيس”، وعبروا الحواجز “الإسرائيلية”، بعدما استحصل له مسؤولو السلطة على تصريح بالموافقة على الزيارة من قبل الأجهزة الأمنية لسلطات العدو، وحددوا له مسار زيارته “السياحية”، ووفروا لهم المرافقة الأمنية، وفتحوا له الحواجز العسكرية المغلقة دائماً بوجه الفلسطينيين، وخاصة تلك التي تزنر مدينة القدس وأماكنها المقدسة، آخر “السواح العرب” هو وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة، الذي حل ضيفاً على رئيس السلطة، الذي لا يتحرك من مقره وإليه إلا بإذن مسبق من أجهزة العدو الأمنية، التي تحدد له ساعة الخروج وساعة العودة! علماً أن المغرب استقبل مؤخرا وفوداً رياضية وبرلمانية صهيونية، لاقت استنكارا وشجبا من أبناء المغرب البررة.
وكان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة قد وصل إلى مدينة رام الله المحتلة أمس في زيارة تستمر يومين إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفرت له سلطات العدو الفرصة لزيارة المسجد الأقصى، في وقت تحرم فيه الفلسطينيين من الاقتراب من بوابات الأقصى…
وقال الوزير المغربي بعد أداء الصلاة في المسجد الأقصى: إن قدومه إلى القدس تحمل “رسالة دعم وصمود للشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية والمقدسيين على وجه الخصوص في هذه الظروف الصعبة». وأضاف أن هذه الزيارة هي «تلبية لدعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبتعليمات من (العاهل المغربي) الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس التابعة إلى منظمة المؤتمر الإسلامي”.
رسائل “الدعم” التي تحملها مثل هذه الزيارات، لمسؤولين رسميين عرب، أو وفود “أهلية” أو فرق رياضية، تصل حتماً إلى عكس نقطة انطلاقها، إذ لا يستفيد منها سوى سلطات العدو، التي تظهر بوسائل الإعلام “الإسرائيلية” والغربية المسخرة لتغطية زيارات الوفود، بصورة “ديمقراطية” “إنسانية” “مسالمة” توفر الأمن والأمان، وتفسح في المجال أمام “المؤمنين” لأداء فروضهم الدينية، بكل “حرية”!.. في وقت تقفل فيه سلطات العدو أبواب المساجد والكنائس بوجه الفلسطينيين وأبناء مدينة القدس، وآخر فصول المنع هو تحديد سن ال55 لمسيحيي قطاع غزة المسموح لهم بالسفر إلى بيت لحم للمشاركة بمراسم إحياء عيد الفصح، ومنع من هم تحت هذا السن.
ولطالما عبَّر أبناء الداخل المحتل والمراجع الدينية الإسلامية والمسيحية وغالبية الفصائل والقوى الفلسطينية، عن رفضهم لمثل هذه الزيارات التي يرون فيها مظهرا من مظاهر التطبيع، التي تصب في خدمة كيان العدو، وفتح الأبواب العربية والإسلامية، التي ما تزال مغلقة أمامه. ورسالتهم الدائمة للأشقاء والأصدقاء واضحة وصريحة: “لا نريدكم سواحاً بل محررين”…
فطريق دعم القضية الفلسطينية وتعزيز صمود المقدسيين وحماية الأقصى والأماكن المقدسة الأخرى معروف للقاصي والداني، ولا يحتاج لكل هذا العناء والسفر وعبور الحواجز… ومنطلقه اليوم قبل الغد يقوم على وقف مسلسل التطبيع الساخن مع كيان العدو الصهيوني الجاري في المغرب وغيرها من الدول العربية، وإغلاق السفارات والقنصليات والمكاتب التجارية “الإسرائيلية” والأجواء المفتوحة أمام طيرانه!
وليسأل وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ملكه محمد السادس، الوارث رئاسة “لجنة القدس” من والده الحسن الثاني، والتي تأسست بتوصية من المؤتمر السادس لوزراء خارجية البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في جدة عام 1975م، ما الذي قدمته هذه اللجنة للقدس، لناسها ومقدساتها وللقضية الفلسطينية، غير القليل من بيانات الشجب والإدانة والاستنكار!..