دور الإعلام في التحليل السياسي للأحداث ..
بقلم: فضيل حلمي عبدالله _ خاص طريق القدس
إن التحليل السياسي هو منهج علمي أفاقه واسعة وعريضة والرسالة المرجوة منه ضخمة وخطيرة، ولكن للأسف في عالمنا العربي لايزال يحبو في الوقت الذي يمعن الإعلام العربي في الشارع الموازي لتسارع العلم والتكنولوجيا.
وعلى الإعلام أن يقدم تحليل سياسي ضمن الحالة الواقعية التي يعيشها عصره الواقع, وأن يحيط بمنجزات هذا العصر لكي يكون قادراً في المساهمة بتقديم إضافات جديدة بينما المشكلة هي الجمود والتوقف عن المتابعة والتطور والأحديث التي نسمعها عن العلم وعن تطوراته ماهي إلاجعجعة .
ونحن نعيش عصرنا ناضمن عوائق ومثبطات وإن رصيد هذا الواقع يؤكد ضعفنا وتخلفنا، وأي محاولة للإصلاح لمن تكون ناجحة وناجعة إذا لم تتوفر لها معرفة المشكلات التي تعاني منها ونحن نعاني تحديدات كثيرة : تحديات تفرض علينا من الخارج وأخرى من الداخل، تحديات تجاه عقيدتنا وأخلاقنا وهويتنا وحضارتنا وثقافتنا، لذا علينا مقابل هذه التحديات أن نكون قادرين على مواجهتها مع بذل كل الوسائل المؤدية إلى ذلك، من خلال تطوير معرفتنا وتحليل الأحداث قدراتنا الابداعية وزيادة فاعليتنا .ولايتم ذلك إلا بمزيد من الوعي والتثقيف، وشحذ الإاردة، وامتلاك وسائل الدفاع في طليعتها العلم والمعرفة، ثم التبصربخطط أعدائنا وكشف أساليبهم وتنبه إلى مشاريعهم العدوانية الاحتلالية الغاشمة..
وعندما نكون صادقين مع أنفسنا ونرصد واقعنا هذا واقع أعدائنا,سنجد أننا أمام عالمين مختلفين متناقضين عن بعضهم البعض، عالم العلم والمعرفة والحضارة والإنسانية والعمل بروح الاخلاق الحميدة والنبيلة، وعالم الجهل والتسيب والفردية والتبعية والافكار الشيطانية ,والهوة تتسع يوماً بعد يوم,مقابل هذا لابد من توحيد جميع الطاقات وتكاتيف جميع جهود المخلصين، كل في ميدان اختصاصه لتنسجم مع الواقع وتتفاعل مع المستجدات.
إن عصرنا عصر العلم والمعرفة والعقل والتكنولوجيا وعصر الصراعات والنزاعات الفكرية المختلفة التي لاينتصر فيها إلا البرهان المقنع والحاجة الناصحة التي هي كلمة الحق ولا يجوزفيه إلا مخاطبة العقل تعويداً لعقول الناس على التدقيق والتحميض وتمكين هذا العقل على النقد وعلى تبين وتوضيح الحقيقة من الزيف المقصود .
إن دورالإعلام في التحليل الصحيح للأحداث السياسية,ونقلها إلى لعقل المتلقي والمستمع هو الأساس في التبليغ وإيصال أفكاره إلى أفراد المجتمع بجميع مستوياتهم الفكرية والثقافية، وذلك من خلال المادة التي اختارها والأفكار التي يخاطب بها الجماهير، والأسلوب الذي يحمل هذا الخطاب يجب أن يتجه إلى عقولهم أولاً وأخيراً ولا بأس بتطعيمه ببعض النكهات العاطفية لتعزيز هذه القضايا العقلية الوطنية الحقوقية الإنسانية المصيرية .
كل هذه الأمور تجعل من المحلل السياسي على المستوى الحاضر والمستقبل داخلياً وخاريجياً، مرجعية فكرية وثقافية لابد منها ، وأن يعلم بسياسية الحياة الوطنية والحياة العامة التي تمتلك فهم الواقع والمتغيرات والتطورات وأن يكون قادراً على قراءة الأحداث قراءة صحيحة (سليمة) وأن يفهم ما وراء السطو ، وأن يدرك مرامي الخطف و(الأهداف) وأن يملك وسائل التوجيه السليم ، وأن يكون محصناً ضد سلبيات والمخاطر الفكر المعادي الرجعي التكفيري الذي يغزومجتمعنا العربي والإسلامي بامتلاكه العلم والمعرفة والنهج الوطني الفكري الأدبي الملتزم المقاوم .
أن الحملات الإعلامية الغربية والأمريكية وخاصة الرجعية العربية، تهدف إلى الحط من قيمنا و الانتقاص من فكرناو ثقافتنا وهويتنا العربية والإسلامية الحضارية, والهجوم على كيننا,و وجودنا وديننا واتهامه بأنه يكرس عداوة الاخر.
ويجب على هذا الإعلام إن يسخر كل ما يوفره له من التقدم العلمي المعرفي من وسائل وأدوات متطورة ويجند من خلاله عقولاً وطاقات وخبرات مدربة، ومدرسة,كي نتمكن من صد أي هجوم قد يشنه علينا أعدائنا من حروب عسكرية وغير عسكرية إعلامية ، لكنها أخطر من أي حرب عسكرية تقليدية ، لأن أعدائنا فيهما مموهون ووغير مكشوفين .
أما إعلامنا العربي فإنه ما يزا ل يحبو في النطاق التقليدي الذي ألفه ومايزال سلاحه مقتصر على الكلمة التي لايمسهن توظيفها في خدمة أهدا أنه الدفاعية على الأقل ، ولايدعمها بأسلحة الفكر وما أكثرها أوبأمثال الخبرات التي يوفرها الإعلام الغربي لدعاته, وبذلك يظل إعلامنا عاجزاً عن القراءة السليمة لما وراء الازمات التي تمر بنا أو بالعالم اجمع .
ومما لا شك فيه أننا بحاجة إلى تفعيل خطابنا الإعلامي وتوجيهه ليواكب الحدث السياسي في حاضر عصرنا الحديث.., ويكون على مستوى ما تتعرض له قضايا العربية المصيرية وما يعصف بنا من مخاطر قد تؤدي إلى شطب هويتنا والوطنية الفلسطينية وحضارتنا العربية والإسلامية.