حادثة النفق لنستغل الفرصة
بقلم: يوسي كوبرفاسر – يديعوت
يضيف تفجير النفق المفخخ للجهاد الاسلامي والتوتر الذي نشأ في اعقابه بعدا من الفورية لمعالجة الواقع المركب في قطاع غزة. فالدرس الاساس من الوضع الناشيء هنا في اعقاب مسيرة المصالحة – والذي انكشف بقوة على خلفية الحدث أول أمس – هو حذار على اسرائيل ان توهم نفسها بان مسيرة المصالحة المزعومة، الى جانب مساعيها لتحسين جودة الحياة في غزة، ستؤدي الى منع التهديد الارهابي عليها من القطاع. وهذا، حتى اذا كان من شأن هذه الامور في المدى القريب ان تكون عوامل لاجمة لتحقق هذه الامكانية، الى جانب العامل الرادع الاساس – قوة اسرائيل، المخطوطة جيدا في ذاكرة الغزيين منذ الجرف الصامد.
المشكلة الحقيقية لاسرائيل هي التأكد من أن ابو مازن والامريكيين لن يغريهم الاعتقاد بان “المصالحة الخفيفة” وتخفيف الضائقة الاقتصادية يمكنهما ان يغيرا الوضع جوهريا، دون النزع من عموم منظمات الارهاب قدراتهم العسكرية والارهابية. على حدث النفق أن يستغل من اسرائيل للتأكد من أنه لا يوجد تآكل في موقف السلطة الفلسطينية والامريكيين، الذين يعبرون عن معارضة لـ “المصالحة الخفيفة” وان يبدأوا بمنع تطورها على الارض. تصوروا ان يكون التفجير وقع بعد نقل الصلاحيات الى السلطة. ماذا سيكون موقف ابو مازن وماذا كان سيقول الامريكيون؟ وفي نفس الوقت علينا أن نستغل الحدث كي نقنع أيضا المصريين الذين موقفهم في أن المعالجة للقدرات الارهابية في اطار المصالحة سيتأجل الى أجل غير مسمى، هو موقف محمل بالمخاطر لهم ايضا.
ان منظومة الضغوط المتعارضة التي تعيشها حماس أدت بها الى محاولة العمل على افكار ابداعية تسمح لها من جهة بالتخفيف من الضغوط من مصر ومن ابو مازن عليها، ومن جهة اخرى لا تلزمها بالمس بهويتها كمنظمة ملتزمة بالكفاح ضد اسرائيل، تمثل سكانا قسم كبير منهم يرى في هذا الكفاح غاية وجوده على خلفية التحريض المتواصل، والمقرب من ايران. من هنا ولدت فكرة “المصالحة الخفيفة” بدعم من المصريين، الذين يفترض ان يتلقوا بالمقابل مسا بالمساعدة التي تعطى من القطاع لرجال داعش العاملين في سيناء. والمخرج المفضل من ناحية حماس والجهاد الاسلامي من الضائقة التي علقا فيها الان كفيل بان يكون محاولة للرد من خلال عملية من الضفة او من القدس، وبالتالي على اسرائيل ان تشدد مساعي الاحباط حيال هذا التهديد بالتوازي مع التأهب حيال غزة.
يعكس الحدث هذا الاسبوع ايضا الصلة الوثيقة بين منظمات الارهاب في القطاع. فحماس والجهاد الاسلامي ومنظمات راديكالية اخرى تتبنى نهجا واقعيا بالنسبة للفكر المفضل في هذه المرحلة، تنسق فيما بينها وتتعاون: فهي تستخدم في نفس الوقت هويات مختلفة كي تسمح لحماس بالقدرة على التنكر للمسؤولية المباشرة لخطوات تتحدى اسرائيل. وذلك مقابل جماعات أكثر تطرفا، تولي اهمية عليا لاستمرار الدعم للمتطرفين في سيناء. لقد أدت هذه التطورات على ما يبدو الى المس بمسؤول جهاز الامن الكبير لحماس. على اسرائيل أن تواصل اعتبار حماس المسؤولة عما يجري في القطاع والا تسمح لها بالتملص من ذلك.
تكشف حادثة النفق ايضا عن عمق التأثير الضار للتدخل الايراني في غزة. فايران ليست ملتزمة بالاتفاقات بين حماس ومصر وتعمل قدر وسعها لتعزيز الطاقة الارهابية الكامنة لدى المنظمات في غزة حيال اسرائيل – بل ولتحقيق هذه الطاقة ايضا. وحتى لو كانت تبدي تفهما لحاجة حماس لتبني سياسة أكثر مرونة، فان طهران تتطلع الى تعزيز حماس والجهاد كي تتأكد من ان حماس لن تضطر الى اتخاذ شوط أوسع في تنازلاتها والابقاء على هويتها الارهابية. على اسرائيل أن تكشف هذا التدخل وتمنع، الى جانب مصر، تطوره. هذا مجال آخر يمكن لاسرائيل فيه أن تستخدم حدث النفق كي توثق التعاون مع الدول السنية البراغماتية.