الأخبارالأخبار البارزةشؤون العدو

تقييم صهيوني: صفقة شاليط تسببت بخسائر استراتيجية فادحة

تقييماً سلبياً

أخذ التقييم الصهيوني، لصفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، عام 2011، تقييماً سلبياً بعد مضي هذه السنوات، بسبب استئناف الأسرى الذين أطلق سراحهم مقاومة الاحتلال، وأبرز ذلك وقوف الأسير محمود القواسمة أحد محرري الصفقة، خلف عملية اختطاف مستوطنين بالخليل عام 2014.

آفي يسسخاروف، الخبير الصهيوني في الشؤون الفلسطينية، كتب في صحيفة معاريف قائلاً إن “الهجمات التي تم تمويلها ومساعدتها من قبل الأسرى المفرج عنهم خلال الصفقة، تقدم دليلاً كافياً على الأضرار الاستراتيجية التي سببتها للأمن الإسرائيلي”

وبات هناك إجماع فلسطيني شامل على أن الكيان الصهيوني “دولة” ضعيفة، كما أن نفس النخبة من الأسرى المطلق سراحهم عادوا للنشاط العسكري في حماس، وتمكنوا من تغيير التنظيم بشكل كبير، وهيمنته على الساحة الفلسطينية”.

وأضاف في مقال ترجمته “عربي21” أن “الأسوأ الذي قامت به إسرائيل خلال الصفقة أنها لم تكتف بالتفاوض غير المباشر مع حماس، التي تدعو لتدميرها، بل الاعتراف بأنها مالكة الأرض في الساحة الفلسطينية، والقفز عن كل الخطوط الحمر التي وضعتها إسرائيل في الماضي من حيث إطلاق سراح أسرى من فلسطينيي48 والقدس، في خطوة لم تحصل سابقاً، حتى في صفقة أحمد جبريل عام 1985”.

اليوم بعد عشر سنوات من الصفقة، يطرح السؤال عن سبب موافقة حكومة بنيامين نتنياهو على إحداث ما يصفها الصهاينة بـ”الصدمة الوطنية، أو المأساة”، المتمثلة بدفع هذا الثمن الباهظ لحماس، مقابل إطلاق سراح جندي واحد فقط، رغم أنه كان واضحاً منذ البداية أن الكيان الصهيوني سيدفع “أسعاراً مجنونة مقابل عودة جنديها من بين فكي الأعداء”.

ليس ذلك فحسب، بل إن تزايد الهجمات المسلحة التي شهدتها الضفة الغربية، وقادها أسرى محررون، أسفرت عن مقتل العديد من الجنود والمستوطنين، يعني أن هؤلاء الأسرى، سواء المقيمين في غزة أو المبعدين للخارج، نجحوا ميدانياً بإدخال الأموال والأسلحة المتطورة، حيث تم تكليفهم بإنشاء خلايا عسكرية لحماس في كل مناطق الضفة الغربية، خاصة الخليل وبيت لحم ورام الله ونابلس وجنين، لتنفيذ هجمات ضد الكيان الصهيوني، وباتوا يعملون دون انقطاع من أماكن تواجدهم.

وتعتقد الأوساط الأمنية الصهيونية أنه مع مرور الوقت، تحسنت أساليب الأسرى المحررين في العمل العسكري، بفعل التقارب الجغرافي والعشائري، وما شهدته السنوات الأخيرة من تحقيق قفزة في عمل الإنترنت، وتحسين الاتصال بشكل كبير بين قطاع غزة والضفة الغربية والخارج، ونجحوا في إخفاء ذلك من خلال تعزيز العلاقات مع الأقسام الإلكترونية للجناح العسكري لحركة حماس.

على الصعيد السياسي، تقدر المحافل الأمنية الصهيونية أن القيادة التي قادت حماس منذ الصفقة تنتهج مساراً أكثر تصادماً مع إسرائيل، مليئًا بالجرأة، ويضع إسرائيل في وضع محرج، لكن النقطة الأكثر إشكالية لإسرائيل، تتعلق بالرسالة التي بات يفهمها كل طفل فلسطيني منذ إبرام الصفقة، ومفادها أن “اليهود لا يفهمون إلا القوة”، وأن الهجمات المسلحة في نهاية المطاف هي الطريقة الأفضل والأكثر فاعلية للحصول من الإسرائيليين على تنازلات.

أكثر من ذلك، فإن مما يزعج الصهاينة انتشار قناعات فلسطينية جديدة بعد صفقة “وفاء الأحرار”، مفادها أنه لا توجد وسيلة للإفراج عن الأسرى ثقيلي العيار، المحكومين بالسجن المؤبد أو فترات طويلة، سوى عمليات الاختطاف، خاصة بعد أن فشلت السلطة الفلسطينية ورئيسها في إطلاق سراحهم، وفهم الجمهور الفلسطيني أن هذه هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع هذا الملف الشائك، حين رأوا كيف أن الكيان الصهيوني”كسرت المحرمات”، ووضعت سابقة تاريخية.

وبعد أن أطلقت حماس سراح كبار أسراها وباقي الفصائل في صفقة شاليط، يتخوف الصهاينة أن تصر الحركة على نهجها بتحرير كل الأسماء الثقيلة الذين خططوا ونفذوا أخطر العمليات الفدائية والتفجيرية، بمن فيهم حسن سلامة وعبد الله البرغوثي وإبراهيم حامد، والنتيجة أنه في حال رضخت إسرائيل لهذه المطالب، فإنه يعني أن تسهم الصفقة القادمة بمزيد من إضعاف السلطة الفلسطينية وتقوية حماس، كما فعلت الحروب الأخيرة في غزة.

التقدير الصهيوني عند منح تقييم عام لصفقة شاليط أنها شكلت مأساة لها، وصدمة لم تستفق منها بعد عقد من الزمن، وكشفت الصفقة عن ضعف أساسي تعانيه إسرائيل، ورغم ذلك فإن تحقيق تلك السابقة يعطي إشارة عما سيتحقق في المستقبل، عند إنجاز الصفقة القادمة، والتقدير أن الثمن لن يكون إطلاق سراح ألف أسير فلسطيني فقط، بل أكثر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى