الأخبار

الورطة مع الأردن.. ليس هكذا تدار السياسة الخارجية

 

بقلم: غيورا آيلند – يديعوت

قبل نحو شهر وقع حدثان في وقت واحد: عملية في الحرم قتل فيها شرطيان من حرس الحدود وقصة البوابات الالكترونية في اعقابها، والحدث الذي في اثنائه اطلق حارس اسرائيلي في الاردن النار فقتل شابا اعتدى عليه في غرفته. رفع الحدثان التوتر بين الدولتين. الملك الاردني غاضب ويعارض اعادة سفيرة اسرائيل الى عمان. وهو غاضب عن حق، إذ انه اضافة الى ذلك اطلق الحارس الاسرائيلي النار وقتل ايضا صاحب الشقة الذي علق في المكان ولم يكن اغلب الظن على صلة بالحادثة.

في هذا الوضع كان متوقعا ان تتخذ اسرائيل ثلاثة اعمال  بسيطة. الاول ان تشكل طاقما مهنيا للتحقيق في حدث اطلاق النار. لا حاجة هنا الى اي تحقيق شرطي. طاقم مهني كان سينهي التحقيق في الحدث ويعد تقريرا مفصلا في غضون اسبوعين. ويجب أن يترأس الطاقم شخصية أمنية معروفة. لو تم الامر، ورفع رئيس الطاقم قبل شهر التقرير الى الاردنيين – لانتهت القضية.

في العام 2003، في ذروة الانتفاضة الثانية، نفذت قوة من دوفدفان عملية قرب معسكر الامم المتحدة في جنين. فقد لاحظ قائد القوة شخصا ما يحمل غرضا مشبوها. فافترض انه مسدس فأمر باطلاق النار عليه وقتله. في نظرة الى الوراء، تبين أن الرجل كان يحمل هاتفا. وكان القتيل مسؤولا كبيرا في الاستخبارات البريطانية، تطوع لان يكون رئيس فرع الامم المتحدة في المكان. فتورطت اسرائيل مع بريطانيا ومع الامم المتحدة في نفس الوقت. كنت في حينه رئيس دائرة التخطيط فعينت لرئاسة طاقم حقق في الحدث. وفي غضون اسبوع حملت النتائج وعرضتها على الامين العام للامم المتحدة في نيويورك وعلى نائب وزير الخارجية البريطاني في لندن. اعترفت بانه وقعت بالخطأ اخطاء مهنية. فانتهى التوتر.

العمل الثاني الذي ينبغي لاسرائيل أن تقوم به هو ان تشرع في حوار مهني مع الاردنيين على الترتيبات الامنية في الحرم. وبالذات مع عودة الهدوء، ومعه روتين الصلوات فان هذا هو الوقت لاجراء مشاورات مع الاردن على حلول مستقبلية او ردود فعل متفق عليها على سيناريوهات مختلفة. وهذا ايضا، على حد علمي، لم يحصل.

العمل الثالث هو تعيين سفير اسرائيلي ذو قامة. واضح أن السفيرة الاخيرة، عينات شلاين، “محروقة” في عمان بعد أن التقطت لها الصور مع رئيس الوزراء في استقبال الحارس. لا ينبغي للسفير التالي ان يكون دبلوماسي مجهول من وزارة الخارجية بل شخصية رسمية معروفة – وزير سابق او شخصية امنية مقدرة في الاردن. الاردن هو واحد من الدول العشرة الهامة لاسرائيل. والعلاقات معه قابلة للتفجر. واحتمالات التدهور عالية. ومن هنا الاهمية العليا لتعيين احد ما كبير للغاية كسفير.

هذه الاعمال الثلاثة التي ذكرت هنا – اجراء تحقيق سريع من طاقم كبير وعرض النتائج على الملك الاردني، فتح حوار بمبادرتنا على الحرم، وتعيين سفير ذي سمعة عالية – هي اعمال بسيطة تكاد لا تكلف اي ثمن.

لقد سبق ان قيل ان المصلحة الوطنية ليست امنية. المصلحة الوطنية هي شيء ما هام لدرجة انه من أجل الحصول عليها يجب أن نكون مستعدين لدفع الثمن. وها هو في هذه الحالة يدور الحديث عن مصلحة عليا يمكن الحصول عليها تقريبا بلا اي ثمن. هذا الامر لا يحصل ضمن امور اخرى لان قيادة الامن القومي ووزارة الخارجية على حد سواء اصبحتا جسدين مشلولين. منذ اشهر طويلة لا يبادر رئيس الوزراء او يتصدر شخصيا النشاط السياسي – شيء لا يحصل. مهما كان رئيس الوزراء كفوء، فليس هكذا تدار السياسة الخارجية. القصور بالنسبة للاردن هو على اي حال مجرد مثال واحد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى