تقارير

الهدم الاحتلالي: تطهير عرقي واسع النطاق

يسعى الصهيوني دائما إلى هدم أي مقاومة فلسطينية لوجوده، كمستعمر ومحتل في تركيبة معقدة، بما في ذلك ما يعتبره تهديدا ديمغرافيا خطيرا يهدد ما يزعم أنه أغلبيته اليهودية.

سياسات الهدم الصهيونية هي مخلب الوحش الاستعماري لتقليص عدد الفلسطينيين وطردهم من بلادهم وإزاحتهم عن طريق بلدوزر الاستيطان المتوحش الذي يبتلع الأرض والهواء، ويهرس عظام الناس.

في هذا السياق كشف تقرير حديث للأمم المتحدة عن قيام الكيان بهدم أكثر من 6000 مبنى فلسطيني في الضفة الغربية و القدس المحتلة بين عامي 2010 و2019، ما نجم عنه تشريد أكثر من 9000 فلسطيني فقدوا المأوى.

الأرقام التي جمعها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية – الأرض الفلسطينية المحتلة ، كشفت عن حجم نظام الهدم، حيث تبين أن 79% من الدمار حدث في المنطقة (ج) المصنفة تحت السيطرة العسكرية والإدارية المدنية للاحتلال، وتم تنفيذ 2% من عمليات الهدم في المناطق (أ) التي هي تحت سيطرة السلطة الفلسطينية و(ب) التي تتبع إداريا فقط للسلطة،.

وتبين أن حوالي 19% من عمليات الهدم وقعت في القدس الشرقية المحتلة ، وفي المجموع تم هدم 6116 مبنى بين 1 كانون ثاني/ يناير 2010 و 24 كانون أول/ ديسمبر 2019 ، مما أدى إلى تشريد 9249 شخصًا – أكثر من نصفهم من الأطفال والقصر.- بالإضافة إلى ذلك ، تضررت سبل عيش أكثر من 115000 شخص ، وتبين أن 28% (1734) من المباني المدمرة كانت مبان سكنية مأهولة، فيما تقوم سلطات الاحتلال حاليا بالتخطيط والإعداد لسلسة من عمليات الهدم في جميع أنحاء الضفة الغربية والقدس الشرقية ، مما يعني أن هذه الأرقام المنشورة ستكون قديمة مع نشر هذا النص.

من أساليب القمع الاحتلالي إجبار أصحاب المباني على هدم منازلهم بأنفسهم، وهم بهذا يتحملون تكلفة وخسارة مضاعفة، وإضافة إلى رغبة المحتل بتجنب تحمل نفقات الهدم، فإن هذا العقاب يهدف إلى زيادة الأعباء ضد المواطنين الفلسطينيين ونوع من تحذير استباقي لمن يفكر بتحدي أوامر الاحتلال في هذا المجال. يضاف إلى ذلك إن الكثير من عمليات الهدم التي نفذت لم تكن ردا على مزاعم مخالفة قوانين البناء والتخطيط بل عقابا جماعيا على أعمال المقاومة وهو ما تجرمه القوانين الدولية وتعتبره فعلا غير قانوني.

في تفاصيل أكثر رصد التقرير وتيرة عمليات الهدم على مدار العقد المنصرم، حيث ثبتت أرقام الهدم حتى العام 2016 عند مستوى 4000-6000 عملية رغم سعة المدى الذي يصل إلى 2000 عملية، وفي عام 2016 تم تسجيل 904 عملية هدم، وزعم منسق الاحتلال أن هذا التصعيد يمثل ردا على خرق القانون في المنطقة (ج)، ومع انخفاض العدد إلى 277 و283 عامي 2017-2018 على التوالي عاد وارتفع إلى 405 عام 2019، وهو كما أِرنا رقم غير نهائي لم يرصد النصف الثاني من كانون أول/ديسمبر الذي جرت فيه العديد من عمليات الهدم.

يزعم الكيان الصهيوني إنه أنه ينفذ القانون فقط، ورغم ذلك فمنذ توقيع اتفاقيات أوسلو في منتصف التسعينيات وتشكيل ما يسمى المناطق (أ وب وج) فإن سلطات الاحتلال لم توافق سوى على 5% من الطلبات الفلسطينية لتصاريح البناء وكان الرقم بين 2010 و2014 1.5% فقط وفقا لتقرير الأمم المتحدة.

وفي عام 2016 ارتفع عدد تصاريح البناء التي أصدرتها الإدارة المدنية الاحتلالية للفلسطينيين من تسعة تصاريح في عام 2014 وسبعة في عام 2015 ، إلى 37 في النصف الأول من العام، وهو رقم يتعارض كليا مع حجم عمليات الهدم في العام نفسه، التي سجلت 904 كما ذكرنا أعلاه، مع العلم أن هذه التصاريح الممنوحة لم تكن موافقات على طلبات الفلسطينيين بل من قبل المنسق الاحتلالي.

رغم أن كل عملية هدم تعتبر أذى بالغا للعائلة المعنية بشكل مباشر، وتمزيق لحياتها الاجتماعية وقدرتها المادية إلا أن هذا أيضا كما أسلفنا يقع في قلب خطة الاحتلال لعزل الفلسطينيين في جزء ديمغرافية صغيرة متقطعة، ممنوعة من التواصل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى