المقاومة ونقطة الضعف في المشروع الاستكباري الصهيوني
د. محـــمد البحيصي رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية - الإيرانية
بقلم: د. محـــمد البحيصي رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية – الإيرانية
طبيعة الأشياء تقتضي أنّ يستجمع فرقاء أية مواجهة عناصر قوتهم، وأن يستفيد كل طرف من نقاط ضعف الآخر، بتوظيفها كعنصر قوةٍ تضاف إلى عناصر قوته…
وهذا الطرح يبدو جلياً في المواجهة المحتدمة بين قوى المقاومة في بلداننا مع المشروع الصهيوني الذي هو جزء من المشروع الاستكباري العالمي، وأحد أهم أدواته المتقدمة والمزروعة بالغصب في أرضنا.
هذا المشهد يدعونا بكل شفافية ووعي وعقلانية للنظرة الأوسع للمشروع الاستكباري وأدواته التي غرسها في بلداننا واعتبارها جزءاً لا يتجزأ ولا ينفك عن هذا المشروع.
وقد كان بعض قد قصيّري النظر يحصرون الكيان الصهيوني كأداة وحيدة للاستكبار في بلادنا، حتى جاء الوقت الذي سقطت فيه الأقنعة وانكشفت السوءات، وظهرت الخبيئات، وانزاح آخر رقائق الستارة عن أنظمة تتبنى الرؤية الصهيونية، وتسلك السبل التي تخدم مشروعها، وتفتح أبوابها علانية دون حياء ولا وجل للوفود الصهيونية؟ بل ورأينا البعض يزايد على عتاة الصهاينة فيما يخص حقوق الشعب الفلسطيني…
أما أصحاب البصيرة، والقراءة المجردة عن زنازين الولاءات المصلحية المغلفة والمخنوقة بعصبيتها فقد كانوا يدركون أن هذه الأنظمة منذ إنشائها تقوم بدور وظيفي مؤسِّس وحامي للكيان الصهيوني…. وعموماً أن يدرك البعض متأخراً هذه الحقيقة خير من البقاء على تجاهلها ونكرانها…
هذه النتيجة مهمة لجهة أنها تسهم في عملية الفرز والاستقطاب التي تعيشها المنطقة والتي تخطو بسرعة في السنوات الأخيرة نحو الاصطفاف الذي نشاهده بين القوى المقاومة وتلك التي رهنت نفسها بالمشروع الاستكباري وتخندقت خلف جدرانه المتساقطة..
لقد ألقى المشروع الاستكباري بأدواته وبكل ثقله في الحروب العسكرية والاقتصادية والأمنية والإعلامية والثقافية في محاولات يائسة لكسر المقاومة ولتشويه حقيقتها، وشيطنتها ابتداءً من إيران التي هي قلب المقاومة النابض الذي يمد كل المقاومين وحتى الشعب الفلسطيني المقاوم الصابر، وشنت الحروب المباشرة على سوريا والعراق واليمن ولبنان إضافة لفلسطين، واستطاع محور المقاومة وعبر عقود، الصمود وتطوير القدرات وبناء الذات وتوسيع دائرة حضوره من حيث لم يكن الاستكبار يحتسب…
وهنا يمكننا الحديث بكل اطمئنان على وضع المقاومة في الوقت الذي يعيش فيه الطرف الآخر حالة الضعف والتردد، ومن أراد الزيادة فعليه أن ينظر إلى المعادلة التي فرضها اليمنيون على تحالف العدوان من خلال امتلاك وتطوير القدرات القتالية التي تهدد كل المراكز الحيوية في السعودية والإمارات.
وبإيضاح أبلغ وأشد فحين هددت الولايات المتحدة الأمريكية الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالعدوان، ردت إيران بلسان كل مسؤوليها وعلى رأسهم قائد الثورة حفظه الله، بأن إيران سترد بحزم وقوة على أي عدوان عليها، وأنّ الوجود الأمريكي كله بمثابة أهداف مشروعه، وأن كل أرض ينطلق منها العدوان ستكون أرض حرب، وأنّ الكيان الصهيوني لن يكون بمنأى عن الاستهداف، وقد جاء اسقاط الطائرة الأمريكية بلا طيار ترجمة لهذه التهديدات، في حين تحدث السيد حسن نصر الله بكل وضوح عن أنّ المنطقة كلها ستشتعل في حال العدوان على إيران، وأنّ ” اسرائيل” ستكون تحت مرمى صواريخ المقاومة.. هذه المواقف وغيرها هي التي حالت دون العدوان وأوقفت الحرب ولو إلى حين، وكشفت عن هشاشة أدوات المشروع الاستكباري الصهيوني وأدواته وقابلية هذا المشروع للهزيمة الكبرى… وكلّ آنٍ قريب.