شؤون العدو

المصالحة الفلسطينية.. مفاجأة سيئة لإسرائيل

 

 بقلم: سمدار بيري – يديعوت

هذا ليس سرا أن الكاريكاتير في الاعلام العربي يساوي عشر مقالات رأي على الاقل، وأكثر من خمسة الاف كلمة. فمنذ الربيع العربي، طور رسامو الكاريكاتير اساليب التفافية على الرقابة، ويتبين أنه في احيان قليلة فقط تشطب أو تلقى اعمالهم الى سلة القمامة. فمن يبدأ الصباح بقراءة التقارير الفائقة في صحيفة “الحياة” مثلا أو في الاطلالة على مدقع أخبار “الجزيرة”، يعرف التوصية في البحث قبل كل شيء عن الكاريكاتير كيف يعرف ما هو الهام حقا في حارتنا.

أمية جحا، هي رسالة الكاريكاتير   الاولى (والمرأة الوحيدة) في الاعلام العربي، والحائزة على الجوائز. ولدت وعاشت في مخيم لاجئين في غزة، ارملة مرتين (زوجها الاول صفي، والثاني اصيب في “حادثة عمل”، واسرائيل منعته من الخروج لتلقي العلاج الطبي). جحا، التي توقع في صورة المفتاح – رمز حق العودة – ترافق مساعي المصالحة في داخل المعسكر الفلسطيني بغمزة يومية تنشر في الضفة وفي غزة أيضا، ومن الهام لها ان تسمع جملة من الاصوات.

بعد هزء لاذع بالعناق “التاريخي” الذي منحه رئيس حكومة رام الله، “الموظف”، لزعيم حماس الذي يصور كالرضيع – نوع من الصيغة المعتدلة لحماس التي يزعم انها ولدت كنتيجة لـ “اغتصاب المصالحة” الذي فرض على ابو مازن – تصر جحا على تبديد الاوهام: فهي ترسم عروسا فلسطينية جميلة، وفقا للتقاليد، بحجاب كامل. وعندما يأتي العريس المنفعل ليرفع الحجاب الكتيم، يتبين له انهم باعوه بضاعة فاسدة: فالعروس البشعة جدا تكشف عن سيماء مهددة واسنانا حادة، خطيرة. وان لم يكن كل هذا بكافٍ، فان الزوجة لا تتردد في امتشاق سلاح “للدفاع الذاتي” في ليلة الدخلة.

وفد فتح سيسافر بعد بغد الى مقر المخابرات في القاهرة، ليجلس على طاولة العمل السوداء امام وفد حماس. في الوفد من رام الله رموز معروفة، بينهم جبريل الرجوب، عزام الاحد وروحي فتوح. وتبين أمس بان حماس تصر على ان تجلب حيالهم صلاح العاروري الذي ارتبط اسمه بسلسلة عمليات في الضفة وباختطاف اسرائيليين. يخيل لي انه لا حاجة للشرح من هي العروس الخطيرة. فالمسؤولية تنتقل الان الى الجنرال خالد فوزي، رئيس المخابرات المصرية. وهو الذي سيتراكض بين الغرف، بحثا عن الصياغات الوسطى كي يضمن الا تنهار المصالحة.

الحقيقة هي أن أيا من الاطراف المشاركة في هذا الشأن، لا توجد مصلحة حقيقية في تكتل المعسكر الفلسطيني. فابو مازن ليس غبيا، وهو يحرص على ان يبعث بوفده مع تعليمات لا لبس فيها لعدم التنازل في موضوع جمع السلاح في غزة “لاني لن اوافق على نموذج حزب الله”. في طرف حماس يشكون في الوسيط المصري بانه يضغط للمصالحة فقط كي يمنع تسلل عناصر الارهاب وتهريب السلاح الى سيناء. ليس صدفة أن الناطقين بلسان حماس يعلنون الان عن التقرب من ايران. ولا يوجد تلميح اكثر وضوحا في أن هناك خيار آخر بان موردي السلاح من طهران لا يغفون في الحراسة. يحيى السنوار، أمين السر الجديد لحماس في غزة، وان كان اقسم بكسر رقبة كل من يعرقل المصالحة، ولكن لنراه يعالج جمع السلاح ويلمس 40 الف من أعضاء الذراع العسكري لحماس ومسلحي تنظيم الجهاد الاسلامي.

الرئيس السيسي ورئيس مخابراته يستعدان لمنع سيناريوهات الانهيار. ستكون مفاجأة سيئة جدا  لاسرائيل اذا ما نجح رئيس المخابرات المصرية في تحقيق اتفاق مصالحة. السؤال، كم توجد اسرائيل في الصورة، وما هو عمق آخر الانباء التي تصل من القاهرة؟ ها هو كاريكاتير شكاك آخر من مصنع أمية جحا: على فرع شجرة واحد يجلس نتنياهو والسيسي، وكأنهما يتسليان، الى أن يقطع الرئيس المصري الفرع من تحت نتنياهو، فيسقطا معا الى الهوة. على الفرع المقابل يجلس ابو مازن والسنوار، متصالحان، وامين عام حماس يقطع الفرع كي يسقط ابو مازن. هذه الرباعية يسقطون على رؤوس مليوني فلسطيني بائسين، عاطلين عن العمل، وعندهم ايضا لا تجد أي بارقة أمل.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى