المصالحة الفلسطينية …. “بين حانا ومانا ضاعت لحانا”
خالد زيدان – طريق القدس
تقول حكاية المثل “عنوان المقال” أن رجلا كان متزوجاً من امرأتين, إحداهما تسمى “حانا” وهي صغيرة في السن لا يتجاوز عمرها العشرين سنة. بخلاف “مانا” التي كانت امرأة عجوز كبيرة بالسن. فكان هذا الرجل كلما دخل غرفة “حانا” كانت تمازحه فتمسك بلحيته وتنتزع منها شعرة بيضاء، قائلة 🙁 يصعب عليّ أن أرى الشعر الأبيض يلعب بهذه اللحية الجميلة وانت ما زلت شاباً).
وعندما يذهب لغرفة “مانا” أمسكت الأخرى بلحيته وانتزعت شعرةً سوداء وقالت: (يكدرني أن أرى شعراً أسوداً بلحيتك وأنت رجل كبير السن جليل القدر).
فبقي على هذا الحال مدةً من الزمن حتى نظر إلى شكله يوماً في المرآة وأفزعه أنه فقد شعراً كثيراً من لحيته وظهرت ناقصة. فأمسك لحيته بغضب وقال مقولته الشهيرة: “بين حانا ومانا ضاعت لحانا”.
بعد جولات وصولات من المحاولات البائسة والفاشلة لتحقيق المصالحة الفلسطينية المزعومة، والتي تحولت الى أم القضايا الفلسطينية إن لم نقل أنها أضحت الشغل الشاغل والجرح المفتوح عمداً لاستنزاف دماء القضية الأساس (احتلال الأرض وتهجير الإنسان الفلسطيني)، حدثت المعجزة بين ليلة وضحاها وبقدرة أميركية عربية إسرائيلية. والتقت “حانا” الفتحاوية و “مانا” الحمساوية على نتف لحية الشعب الفلسطيني حتى أصبح منتوف الذقن.
فجأة.. ودون سابق إنذار وبعد عشرات الأعوام من المنع الأميركي الصهيوني، والتهديد بالعقاب للسلطة الفلسطينية إن تقاربت مع حماس يوماً، أو حتى فكرت بذلك.
فجأةً يجتاح التفاؤل وسائل إعلام السلطة حول ضرورة نجاح المصالحة المزعومة!!..
حكومة رام الله تدخل إلى غزة على عجل!! ..
نشاطات الاستقبال والترحيب مبهرة!!..
اللقاءات بين مسؤولي الحركتين و “تبويس اللحى” وكأن شيئا لم يكن!!…
الولايات المتحدة أعطت الضوء الأخضر لرئيس السلطة الفلسطينية للتصالح مع حماس!!…
الكيان الصهيوني أغمض عينيه ومنح وفد الضفة الغربية تسهيلات لدخول الأرض المحتلة عام 1948 والعبور إلى غزة.!!..
غزة ذاتها المحاصرة من الكيان والتي تحوي ترسانة أسلحة إيرانية تهدد وجود الكيان!!…
والتي هزمت إسرائيل في 3 حروب!!…
السيسي “عدو الإخوان الأول” تحتل صوره الضخمة شوارع غزة المحكومة من الإخوان!!… وعجباً يركبه عجب!!!…….
تجتمع قيادات “حانا” وقيادات “مانا” في القاهرة وبقدرة الله ذو الجلال والإكرام وبتوفيق من أمريكا “ربة” المجتمعين أعلاه, تخرج اتفاقية المصالحة والتي أعلنت بنودها, وهي بالمناسبة “ضحك على لحانا” نحن الشعب الفلسطيني, حيث أن مثل هذه البنود لا تحتاج كل تلك السنوات من الحرب والقتل وضياع القضية والشعب. وكانت البنود المعلنة هي التالية:
1- الحكومة الفلسطينية تتسلم مسؤولياتها في غزة بحد أقصى 1 ديسمبر/كانون الأول 2017 مع العمل على إزالة جميع المشاكل الناجمة عن الانقسام.
2- سرعة إنجاز اللجنة القانونية- الإدارية المشكلة من قبل حكومة الوفاق الوطني لإيجاد حل لموضوع موظفي القطاع، قبل 1 فبراير/شباط 2018 كحد أقصى، وتقوم الحكومة على استمرار استلام الموظفين لرواتبهم التي تدفع لهم حاليا خلال عمل اللجنة اعتبارا من راتب شهر نوفمبر 2017، فور تمكين الحكومة من القيام بصلاحياتها الإدارية والمالية بما في ذلك التحصيل والجباية.
3- الانتهاء من إجراءات استلام حكومة “الوفاق الوطني” لجميع معابر قطاع غزة، بما في ذلك تمكين أطقم السلطة الفلسطينية من إدارة تلك المعابر بشكل كامل بحد أقصى يوم 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.
4- توجه قيادات الأجهزة الأمنية الرسمية العاملة في دولة فلسطين إلى قطاع غزة لبحث سبل وآليات إعادة بناء الأجهزة الأمنية مع ذوي الاختصاص.
5- عقد اجتماع بالقاهرة خلال الأسبوع الأول من ديسمبر/كانون الأول 2017 لتقييم ما تم إنجازه في القضايا التي تم الاتفاق عليها كافة.
6- عقد اجتماع يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني لجميع الفصائل الفلسطينية الموقعة بالقاهرة على اتفاقية “الوفاق الوطني الفلسطيني” في 4 مايو/أيار 2014 لبحث جميع بنود المصالحة الواردة في الاتفاق المذكور.
أما البنود السرية والتي أفصحت عنها إحدى الصحف الصهيونية “يسرائيل هيوم” في مقال فضح المستور من اتفاقية المصالحة فهي كما ورد نصاً من الصحيفة :
أن عاصفة قد اندلعت في صفوف القيادة الفلسطينية، في أعقاب ما نشرته، حول وجود بنود سرية في اتفاق المصالحة، وفي مقدمتها إجراء إصلاحات تسمح بدمج حماس في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، ومن ثم شق الطريق أمام رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس، خالد مشعل، إلى منصب رئيس السلطة الفلسطينية أو رئيس الدولة الفلسطينية المستقلة في حال قيامها.
وقالت مصادر رفيعة في منظمة التحرير الفلسطينية وفي فتح انهم سيطلبون عقد اجتماعات عاجلة للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة فتح، والمطالبة بكشف تلك البنود، كما سيطالبون بالتزام حماس بعدم تنفيذ عمليات ارهابية من مناطق الضفة الغربية مقابل التنسيق مع حماس في كل خطوة سياسية مستقبلية في المفاوضات مع إسرائيل، إذا تم تحريك العملية السلمية العالقة.
وقال مصدر رفيع في حركة فتح لصحيفة “يسرائيل هيوم” إن فتح ستعمل على إحباط كل محاولة لدمج حماس في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية.
وحسب أقواله “لن نسمح بأي شكل من الأشكال بفرش بساط أحمر أمام خالد مشعل لكي يستولي على المنظمة ويصبح رئيسا لفلسطين. حماس فشلت في الانقلاب السلطوي الذي نفذته في غزة، والأن تحاول الحركة بطرق الخداع السيطرة على السلطة في الضفة الغربية، ايضا. هذا لن يحدث لا بعد سنة، ولا بعد 20 سنة. أما يكون المقصود وحدة وطنية وشراكة حقيقية من أجل الشعب الفلسطيني – أو يكون المقصود خطوة مخادعة أخرى من قبل حماس للسيطرة على الضفة الغربية، أيضا، كما فعلت في قطاع غزة، وأوصلت الجمهور هناك إلى حد الفقر المدقع ونسبة بطالة تعتبر من أعلى النسب في العالم”.
وعبر مصدر مصري رفيع، مطلع على تطبيق تفاهمات اتفاق المصالحة، عن تخوفه من أن يؤدي كشف الملحق السري إلى انهيار اتفاق المصالحة – علما أن هذا الملحق يشمل البنود السرية المتعلقة بدمج حماس في منظمة التحرير وتنسيق الخطوات السياسية بين فتح وحماس في كل ما يتعلق بعملية السلام مع إسرائيل. وقال المصدر الفلسطيني إنه “يسود غضب كبير في أوساط قيادة فتح في مسالة البنود السرية،وهذا أقل تعبير، إلى إمكانية دمج حماس في مؤسسات منظمة التحرير ووراثة مشعل لعباس. إذا كانت حماس هي التي أفشلت اتفاقيات المصالحة في السابق، فإن التخوف السائد الآن هو أن تقوم فتح ببذل كل جهد من أجل مراكمة العراقيل أمام تطبيق الاتفاق، فقط كي لا تسمح بدمج حماس في المنظمة، وبإمكانية منافسة مشعل على الرئاسة الفلسطينية”.
كمتابع عاقل, لا أرى أن البنود المعلنة تحتاج كل هذه التسهيلات والموافقات والدعم الأميركي والإسرائيلي والعربي الإنبطاحي. وسأعود إلى تبني نظرية المؤامرة التي عادة ما أرفضها. خاصة إذا ربطنا الانتصار المحقق لمحور المقاومة في سوريا والعراق على المحور الاميركي الاسرائيلي, والخطر الآتي على وجودية دولة الكيان بفتح جبهات جديدة ستكون قاتلة له في نحره إن كان من الجولان او من حوض اليرموك, ناهيك عن وجود الحرس الثوري الإيراني على حدود الكيان.
هل تسعى أميركا وربيبتها إلى فسخ غزة وحماس القريبة من إيران عن محور بات الإنتصار هو عنوانه الدائم ؟؟!!..
هل تم منح حركة الإخوان الوعد بتسلم كرسي تاقت لتسلمه بعد فشل ,في كل ساحات ما سمي “الربيع العربي” ؟؟!!…
هل ستبقى غزة ترفع شعار المقاومة وفلسطين التاريخية ؟؟!!! …
هل فعلاً لن تناقش حركة حماس لاحقاً تسليم السلاح ؟؟!!!…
الف علامة تعجب وأسئلة سيجيب عنها المستقبل القريب بلا شك ..