كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية، اليوم، بمقالة للصحفية اليسارية “عميرة هاس” عن خطط مبيّتة لتقسيم مدينة القدس وعزل بعض مناطقها رويدا رويدا.
وقالت الصحيفة هاس، بأن الرأس اليهودي أوجد اختراعا جديدا: كيف يمكن تغيير عنوان 140 ألف شخص دون أن يتحركوا من البيت. هذا أمر سهل علينا. بوقاحتنا التي لا حد لها فرضنا على المقدسيين أوامر الدخول الى اسرائيل وكأنهم اختاروا العيش هنا بإرادتهم الحرة. فرضنا عليهم الاقامة المشروطة مع سيف العزل المتحول والطرد ايضا. ألا يمكننا تغيير التعريف؟ دائما سيكون هناك من يبحث ويخطط ورجال القانون الذين سيصيغون الخدعة الجديدة من اجل اخفاء مجموعة اخرى من الناس من أمام أعيننا ومن مسؤوليتنا.
وأضافت هاس: من المؤكد تقريبا أن الكنيست ستوافق على تغيير قانون أساس: القدس، وتخرج من الحدود البلدية للعاصمة حيّين فلسطينيين سيتم الاعلان عنها كمجلس عربي محلي وهي كفر عقب ومخيم شعفاط للاجئين. لا أحد يسأل سكان هذه الاحياء، وهي ليس لها تواصل جغرافي، وتفصل بينها حواجز عسكرية وانتظار دائم وجدران من الاسمنت ومستوطنات وجولات عدائية للجيش والشرطة. لا يوجد لها امتداد داخلي من الارض يمكن من التطور والتوسع، حيث أن المخططين أبقوا معظم الاراضي لليهود. ماذا اذا؟ هكذا يتم تشكيل مجلس عربي جديد في الدولة اليهودية. ومن السذاجة القول إن الميزانيات التي لم تتوفر لها باعتبارها أحياء مقدسية ستتوفر لها كمجلس منفصل.
وأشارت الصحيفة في مقالتها الى أنه في اسرائيل كل قرار اداري متعلق بالارض والفلسطينيين – له بُعد نظر وقدرة عالية على التخطيط، ولا توجد أي اشارة على النوايا الحسنة. يوجد فقط رغبة في اساءة الوضع وخلق وضع عبثي جديد من اجل ايجاد الحل الذي كان قبل فترة قصيرة لا يمكن تخيله.
التقسيم الساذج شكليا الى أ و ب و ج رسم حدود الجيوب الجغرافية التي وضعت للفلسطينيين. والسنوات الاربعة التي خصصت لهذا التقسيم امتدت بما يكفي من اجل أن يبدو ضم المناطق ج لاسرائيل بمثابة الخطوة الاكثر عقلانية. شوارع تقطع الاحياء الفلسطينية وتحاصر منازل الفلسطينيين، والجدار بني قرب الرام وشعفاط وأبقى المجال لتوسيع المستوطنات. وكل شيء بناء على “الاعتبارات المهنية” بالطبع. وتحديد نسبة البناء الاقل في الاحياء العربية في القدس – بعد مصادرة 35 في المئة من اراضيها لصالح اليهود – تم تبريره في البداية باعتبارات أخذ الغير في الحسبان والحفاظ على الطابع القروي.
ولفتت الصحفية بمقالتها الى ان مهارة اسرائيل الكبيرة هي تغليف كل شيء بـ “الأمن”. وفي القدس ايضا اعتمدوا على شعار “المدينة الكاملة”، وهذه نكتة. قاموا بإحضار مقدسي يهودي يريد أن تكون شعفاط وكفر عقب خارج حدود المدينة البلدية. واذا كانت بيت حنينا وصور باهر تهم اليهود فهذا لأن فيها اراض فارغة يمكن سرقتها من الفلسطينيين واسكان اليهود فيها.
إن احاطة كفر عقب وشعفاط بجدار الفصل خلق جزر من غياب الحكم والمسؤولية – وهذا تصنيف ثانوي آخر من التصنيفات البيروقراطية التي نقوم من خلالها باحاطة وتصنيف وتقسيم السكان الفلسطينيين على جانبي الخط الاخضر. هذه كانت الخطوة الاولى من اجل القائهم للسلطة الفلسطينية.
وختمت هاس مقالتها قائلة : عندها جاء دور المخرج المنطقي وهو أن المجلس العربي الجديد، خلافا لبلدية القدس، من حقه أن يستفيد من الحكم من اجل جمع النفايات والمصادقة على البناء غير المرخص والخطير الذي نشأ هناك. ولا أحد سيهتم اذا تم استدعاء الشرطة الفلسطينية من الشارع المقابل من اجل علاج مشكلة المخدرات.
أولا، يأتي الواقع، حتى لو تردد – النتيجة هي نفس النتيجة، ومثلما فرضت صفقة اوسلو: المسؤولية عن مواجهة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والصحية ملقاة على السلطة الفلسطينية دون حرية في الاختيار ودون موارد ودون صلاحية سيادية.