الأخبار

الصهر والجيب

بقلم: ناحوم برنياع – يديعوت

يمكن أن نشبه اسحق (ايتسيك) مولخو ودافيد شمرون، وزيري البلاط الملوكي لرئيس الوزراء، لاثنين خرجا للسباحة في بركة عامة ولم يريا اليافطة التي تقول “يمنع الـ … من خشبة القفز”. في هذه المرحلة هما مثابة محقق معهما. وبالتأكيد يحتمل أن يخرج واحد منهما على الاقل وربما كلاهما، من هذه القصة دون لائحة اتهام. ولكن ضلوعهما في اثنتين من القضايا التي يتم التحقيق فيهما الان – تلك التي تركز  على الغواصات والسفن وتلك التي تركز على العلاقات بين وزارة الاتصالات وشركة بيزك – يفيد بعماهما. كل يافطات التحذير كانت هناك، وهما لم يريا لانهما لم يريدا أن يريا.

بداية الخطيئة ينبغي ان نعلقها بالمستشار القانوني السابق، يهودا فينشتاين الذي سمح لمولخو بالانشغال بعملين متناقضين بالتوازي: ان يكون الرسول الخاص لرئيس الوزراء بمكانة موظف دولة، وكذا ان يواصل القيام باعماله كمحام خاص. عندما كان الياكيم روبنشتاين مستشارا قانونيا للحكومة لم يسمح بهذه الازدواجية خوفا من الفساد. اما فينشتاين فكان أكثر سخاء بكثير.

لحقيقة أن مولخو، بصفته رسولا خاصا، وشمرون، بصفته محاميا خاصا وعائليا، كانا رجلي السر الاكثر حميمية لرئيس الوزراء معان اقتصادية هائلة. فقد رأى الوزراء حاجة لتلبية مطالبهما. والمدراء العامون رأوا في كل توجه منهما توجها من رئيس الوزراء. ورجال اعمال كبار سعوا الى القرب منهما. شؤون الدولة الاكثر حساسية، شؤون الليكود، شؤون العائلة والمصالح التجارية المرتبطة بالحكومة، اديرت تحت جناحي مكتب المحامين أياه. وحتى لو كان شمرون ومولخو وليين صافيين، ما كان هناك سبيل للفصل.

واشتدت الامور في الحكومة الحالية، الرابعة في حياة بنيامين نتنياهو المهنية. وتواصل الجلوس في الحكم خلق، مثلما كان يمكن التوقع، مستنقعا، مياها ضحلة. اما مولخو وشمرون، الصهر والجيب فكانا ملكي المستنقع.

في الحكومة الحالية اصر نتنياهو على ان يتولى وزارة الاتصالات. اصر لدرجة أنه كان يخيل أن منصب وزير الاتصالات اهم له من رئاسة الوزراء. كان هذا غريبا، لان وزارة الاتصالات تعنى اساسا بالشؤون الفنية. والمرة تلو الاخرى أوصت لجان ما بجعلها هيئة حكومية بادارة موظف. اما نتنياهو فرفض الاستماع. فقد آمن بانه من خلال الوزارة المتواضعة هذه سينتقم من الصحافة الاسرائيلية، كريهة نفسه. وهو سيمزقها إربا.

ما الذي تبقى من السنتين ونيف التي تولى فيها منصب الوزير في وزارة الاتصالات؟ تحقيق جنائي من سلطة الاوراق المالية، والذي اسقط في هذه الاثناء مقربه، شلومو فيلبر ويهدد باسقاط صديقه الشخصي، شاؤول الوفيتش، وتعيين أيوب قارا وزيرا في اسرائيل. وعندما سيكتب قارا مذكراته سيكون بوسعه ان يسميها: “كنت وريث نتنياهو”. وهذا سيكون كتابا واسع النشر بلا شك.

لقد تباهى مولخو وشمرون في صفحة الفيسبوك لمكتبهما بانهما مكتبا رائدا في تمثيل هيئات الاتصالات. وكما قلنا فقد قاما بعملهما من خشبة القفز. وعندما نشرنا هذه الحقيقة التي كانت ظاهرة للعيان، استيقظت النيابة العامة من سباتها والزمت مولخو بالتوقيع على وثيقة سرية لمنع تضارب المصالح. ويلزم تعهد مولخو شمرون ايضا. لا سبيل للفصل بينهما: كلاهما يرتزقان من الفاتورة نفسها.

لست أدري ما فعله المحامي مولخو، اذا ما فعل شيئا، مع حكومة المانيا، مع حكومات في المنطقة ومع جهات في اسرائيل في قضية الغواصات والسفن، في صفقات الغاز وفي مواضيع اخرى تتعلق بالتحقيقات. أفترض أنه عمل بنية طيبة، في إطار التعليمات التي اصدرها له نتنياهو. ولكن اذا كان فعل افعاله بالتوازي مع صهره وشريكه في المكتب، الذي عمل مع الحكومة من أجل المحتال ميكي غانور، ممثل حوض السفن الالماني، فهذا يصرخ الى السماء. لا يدور الحديث هنا عن مال فراطة – بل عن ملايين؛ يدور الحديث عن أمن الدولة.

مولخو هو رجل كثير السحر. بخلاف البلاط الصارخ، فظ الروح الذي طوره نتنياهو حوله في الولاية الحالية، فان مولخو هو رجل رقيق ولطيف. وأنا واثق من ان التحقيق معه تحت طائلة التحذير، مثابة اعتقال نهاري، وليس أقل من هذا الاقوال التي قالها عنه قضاة العليا أمس، أهانته حتى التراب. فهو مقتنع حقا بانه فعل كل شيء من أجل الوطن.

ولكن يوجد فيه جانب آخر ايضا، على ما يبدو. والا فمن الصعب أن نفسر البلاغات والرسائل المهددة التي خرجت في السنوات الاخيرة من مكتب المحامين خاصته ضد اناس تجرأوا على انتقاد الزبون والزبونة نتنياهو؛ والا من الصعب أن نفسر المحاولة الفظة من مكتبه الخاص للامساك بالزبائن بالذات في وزارة الاتصالات بقيادة نتنياهو؛ والا من الصعب أن نفسر  لماذا لم يهجر اعمال الخاصة لبضع سنوات من أجل الدولة التي هي هامة جدا له.

رغم التوصيات المنمقة لمولخو، شمرون، د. يوسي كوهن، د. يعقوب فينروت وآخرين، يقف نتنياهو اليوم امام مشكلة قضائية عسيرة. يخيل لي احيانا ان مصيره كان سيكون افضل لو كان توجه الى محامي شاب من المحامية العامة، غير ذكي وغير داهية. هناك اناس ماتوا من كثرة الاطباء، وهناك اناس تورطوا من كثرة المحامين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى