بقلم الدكتور محمد البحيصي _ رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية الإيرانية
تأخرت الحركة الإسلامية في فلسطين بعد نكبة 48 عن مواكبة الجهاد والمقاومة المسلّحة للعدو الغاصب، وظلّت ترفع شعار التربية (أسلمة) المجتمع، والانشغال بمواجهة التيارات والأفكار التي تراها مختلفة معها في هذا النهج، ولم يكن (الجهاد) ضد المحتل على سلّم أولوياتها ولا حتى في أجندة عملها، ولهذا المنهج سياقات تاريخية ليس هذا محل البحث فيها، ورأت هذه الحركة أن كل دعوة للجهاد تتبنّى المرجعية الإسلامية إنما هي دعوة مشبوهة تريد قطف الثمار قبل أوانها، وتسعى لتوريط الإسلاميين والزج بهم في معركة خاسرة ..
وعبثاً حاول الشهيد أن يجمع شتات هذه الحركة على مسائل أربعة هي :
1. وحدة الأمة في مواجهة التجزئة .
2. الإسلام في مواجهة التغريب .
3. المقاومة المسلّحة في مواجهة الاحتلال .
4. فلسطين في مواجهة اضطراب البوصلة واختلاط الأولويات .
ولكنه اصطدم بتحجّر الأفكار وعصبيات الانغلاق الحزبي، وتضخم الأنا التنظيمي، واضطراب المفاهيم حول دور الإسلام في الزمان والمكان، وفقه الأولويات .
في هذه الأثناء كان الشهيد قد قرأ لعلي شريعتي والسيد محمد باقر الصدر، كما قرأ حسن البنّا وسيد قطب، ووقف طويلاً أما تجربة الشيخ عز الدين القسّام ، وتأثّر بكل هؤلاء، كما كان متأثراً بجمال عبد الناصر ..
وحاول جاهداً أن يحدّد الأرضية المشتركة التي تحرّكت أفكارهم عليها ..
في هذا الوقت ضرب مصر والمنطقة زلزال موقف النظام المصري من “إسرائيل” وهو ما ضرب قضية الأمة في فلسطين في الصميم .. وفي هذا الواقع الكئيب المظلم انفجر نور الثورة الإسلامية المباركة في إيران ودوّت في الأرض صرخة الشعب الإيراني المسلم خلف قائده الإمام الخميني (رضوان الله عليه) الذي قاد ثورة المستضعفين .. ثورة الإسلام.. ثورة فلسطين، وارتفع شعار:” اليوم إيران وغداً فلسطين” هو الشعار الذي تطابق مع شعار الشهيد الشقاقي “مركزية القضية الفلسطينية” في صراع الأمة مع المشروع الغربي الذي تمثّل (إسرائيل) ذروة علوّه واستكباره، وهذا ما اعتبره الشهيد كافياً للتماهي والاندغام في فكر الإمام الخميني السياسي وعنفوانه، على طريق اجتثاث الغدة السرطانية من الوطن الفلسطيني المحتل بأداة ذات الشوكة، لا أداة غيرها، وهذا ما كان يتبنّاه الشهيد ويعمل له طول الوقت، وهو ما جعل الآخرين من الإسلاميين يلتحقون به في نهاية المطاف ليكون الشهيد مجدّد الفكر الجهادي في فلسطين بحق ..