السياسيون يلعبون بالنار.. اللسان يشعل النار كعود الثقاب
بقلم: يرون لندن – يديعوت
متبن مزراع احترق. يوم الدين الكبير، هوا؟ خصيناك، خصيناك يا محمد بلا تخدير، بلا تخدير . هذه هي كلمات الاغنية الذي كتبها حاييم حيفر في بداية الاربعينيات من القرن الماضي، حسب لحن ايطالي شعبي. وجعل أعضاء حركة الشبيبة الاغنية رقصة عاصفة، وأنا في شبابي قفزت بقدمي وهتفت بهذه الكلمات دون ان أفهم معناها.
راجعت الأمر بعد أن كبرت. فحوض البذور في كيبوتس مزراع بالفعل احرق بضع مرات، وخصيتي محمد، أزعر عربي من بيسان (بيت شآن)، قطعهما بالفعل أعضاء خلية من البلماخ. وأنا أعرف قاطع الخصيتين، الذين اصبح لاحقا ضابطا كبيرا جدا. هذا الاسبوع تذكرت هذه الرقصة حين سمعت نتنياهو ووزراءه يهددون بالانتقام من مشعلي الحرائق العرب. تلك التهليلة وتلك الشهوة للانتقام. يوم الدين العظيم، يا محمد!
مفهوم أن “محمد” هو اسم رمزي. والمقصود في القصيدة العشوائية التي وضعت قبل قيام الدولة هو العرب بصفتهم عربا. ولم يتم التعبير عن الامر صراحة، مثلما هي جملة “جموع العرب يتدفقون الى صناديق الاقتراع” لا تشجب صراحة العرب “المعادين” بل تستصرخ اليهود للدفاع عن أنفسهم في مواجهتهم.
هكذا تصرف نتنياهو هذه المرة أيضا. فهو لم يشدد على ان عربا أفرادا أحرقوا، لم يتكبد عناء تهدئة الخوف الكامن لدى اليهود من حملة انتقام عربية. هذا ما كان سيفعله زعيم مسؤول حساس لحقيقة أن خُمس مواطني اسرائيل يسيرون على قشر البيض كي يحافظوا على هويتهم المميزة وفي نفس الوقت أن يثبتوا ولاءهم للدولة. ولكن رئيس الوزراء فضل مظاهرة بائسة من التصميم والحزم كي يحصد العطف.
وارتبط به بعض من وزراء حكومته ممن طالبوا بفرض عقوبات جسيمة على مشعلي الحرائق، ليس لانهم نسوا بان العقاب على الاحراق على أي حال هو 20 سنة سجن بل لانهم ارادوا أن ينافقوا الرأي العام وان يظهروا التصميم والحزم.
وبالغ الوزير درعي فهدد بانه سيعمل على سحب مواطنتهم، الخطوة غير الممكنة حسب قوانيننا وحسب القانون الدولي، بينما اقترح الوزير اردان هدم منازلهم، الفعل المتاح حسب قوانين الطواريء التي سنها البريطانيون في عهد الانتداب. لا أذكر أن الاثنين طالبا مثلا بسحب مواطنة وهدم منزلي الشقيقين شلومو ونحمان تويتو، عضوي تنظيم لاهافا ادينا باحراق المدرسة ثنائية اللغة في القدس، وحكما لسنتي سجن ولم يعربا عن الندم. كما أنهما لم يشجعا سلطات انفاذ القانون على القبض والعقاب للمشاغبين الذين احرقوا مئات اشجار الزيتون للفلاحين الفلسطينيين في القرى المجاورة لمزرعة جلعاد في السامرة وفي محيط مزرعة ماعون في جنوب يهودا.
قبل ثلاثة ايام علم انه اعتقل حتى الان نحو 30 مشبوها باشعال الحرائق. وفي هذه الاثناء اطلق سراح 7 منهم، ويمكن الافتراض بان آخرين منهم سيطلق سراحهم هم ايضا لانعدام التهمة أو لانعدام الادلة. وبالمقابل، لا ريب أنه يوجد مشعلي حرائق لم يقبض عليهم والشرطة لن تنجح في وضع ايديها عليهم. العدد الدقيق لعدد بؤر الاشتعال وأسبابها لم يتضح بعد، ولكن اردان سارع الى الاعلان بان مصدر نصف الاشعالات متعمد. فلسانه سبق معرفته. وزراء آخرون اطلقوا تقديرات اقل بكثير.
كم من عرب اسرائيل يهمسون في قلوبهم “طوبى لعود الثقاب الذي احترق واشعل اللهيب”؟ الجواب ينبع من الاراء السياسية للمتحدثين ويوازي كم يهوديا يكنون عطفا على باروخ غولدشتاين ويغئال عمير. احد لن يتصور ان يبني موقع تخليد لمشعلي الحرائق، بينما النصب التذكاري للقاتل غولدشتاين هو موقع حجيج مصان جيدا.