السعودية ترقص على صفيح ساخن
جمال حشمه – طريق القدس
عقود سبعة مضت منذ اغتصاب فلسطين من قبل الصهاينة والصراع العربي الإسرائيلي قائم ودور المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة غائب عن الأبصار والسمع ، وفي العقود الأخيرة بدء أسم المملكة العربية السعودية يتداول في الشؤون الداخلية للدول العربية بشكل سافر على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية لتثبت لأمريكا والغرب عامة والكيان الصهيوني خاصة انها لاعب اقليمي أساسي يعتمد عليها في منطقة الشرق الأوسط و قادرة على التحكم بالوطن العربي والإسلامي و تسيره لخدمة المصالح الغربية السياسية والاقتصادية ولديها القدرات لمواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية والحد من نفوذها و تحجيمها والعمل على جعلها عدوة للأمة العربية و قيادة الوطن العربي والإسلامي للتطبيع وابرام إتفاقيات سلام مع الكيان الصهيوني .
هذا الحراك السياسي السعودي بدأ يظهر بعد تعليق عضوية مصر في الجامعة العربية من عام ١٩٧٩ إلى عام ١٩٨٩ و نقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس وذلك على أثر توقيع إتفاقية السلام ( كامب ديفيد ) بين مصر والكيان الصهيوني في تاريخ ١٧/٩/١٩٧٨ بعهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر وخروج دولة مصر من الصراع العربي الإسرائيلي، حيث كانت مصر الرائدة بقيادة الوطن العربي وممثلا للسنة في العالم .
انخرطت السعودية في السياسية الأمريكية لمنطقة الشرق الأوسط وساهمت بدعم العراق بحرب الخليج الأولى ضد الجمهورية الإيرانية الإسلامية منذ عام ١٩٨٠ إلى عام ١٩٨٨ وذلك لخدمة المصالح ألامريكية وتحقيق أهدافها بإسقاط الحكومة الإيرانية، كون أيران خرجت من تحت العباءة الأمريكية وأعلنت نفسها جمهورية إسلامية معادية لأمريكا والكيان الصهيوني وطردت السفير الصهيوني وأعلنت افتتاح سفارة لفلسطين في طهران ، ساهمت السعودية بالعقوبات الغربية التي فرضت على إيران من منطلق عدائها لها .
شاركت السعودية في الحرب على العراق ضمن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في عام ٢٠٠٣ بهدف تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات سنية ، شيعية وكردية ضمن المشروع الأمريكي للمنطقة العربية تحت مسمى شرق أوسط جديد ، وبعد هزيمة الأمريكي في العراق ، دعمت السعودية تنظيم القاعدة في العراق لوجستيا للحد من النفوذ الإيراني في العراق لغاية يومنا هذا ، وشجعت إقليم كردستان في العراق مع الصهاينة على الاستفتاء الذي حصل مؤخرا تمهيدا للانقسام عن الدولة العراقية مما استفز العراق ، ايران وتركيا .
لعبت السعودية دورا مهما بالضغط على منظمة التحرير الفلسطينية للمشاركة في مؤتمر مدريد للسلام مع الصهاينة برعاية امريكية في عام ١٩٩١ ضمن وفد عربي مشترك وقد شجعت بالاغراءات المادية والمعنوية منظمة التحرير الفلسطينية بتوقيع إتفاقية السلام مع الصهاينة في عام ١٩٩٣ تحت شعار دولة فلسطينية على حدود عام ١٩٦٧ لإنهاء الصراع العربي الصهيوني.
كما دفعت الأردن لتوقيع اتفاقية وادي عربة للسلام مع الصهاينة في عام ١٩٩٤ ضمن مشروع تسوية مع الوطن العربي .
بقيت الجمهورية العربية السورية خارج نطاق اتفاقيات السلام مع الصهاينة والدولة العربية المعادية للصهاينة والداعمة لحزب الله في لبنان و المقاومة في فلسطين وهذا السبب كان كافي لحياكة المؤامرة على سوريا من أجل إسقاط الدولة السورية وتقسيمها إلى عدة دويلات ضمن المشروع الأمريكي للمنطقة وقد ساهمت السعودية والإمارات العربية المتحدة و قطر مساهمة فعالة بدعم المقاتلين الارهابيين لتمكينهم من اعلان الدولة الإسلامية في العراق و سوريا، لكن صمود الدولة العراقية والسورية وحلفائها من حزب الله وإيران وروسيا أفشل مشروعهم ، مما جعل السعودية وحلفائها يشيطون غضبا .
نقتبس بعض ما قاله حمد بن جاسم رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق في مقابلة مع قناة BBC البريطانية عن الدور القطري السعودي لتقديم الدعم للجماعات المسلحة في سوريا عبر تركيا و الأردن، وأضاف أن سوريا فلتت من فخ كان يخطط له منذ عام ٢٠٠٧ بعد هزيمة ( إسرائيل ) في حربها على لبنان في عام ٢٠٠٦ . وأكد الوزير السابق أن الدوحة أمسكت بملف الأزمة السورية بتفويض كامل من السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، مشددا على أن بلاده لديها أدلة كاملة على استلام الملف السوري بالوثائق الرسمية الأمريكية والسعودية .
جاء هذا التصريح بعد نشوب الأزمة السعودية القطرية .
في عام ٢٠٠٦ شنت ( إسرائيل) عدوان وحشي على لبنان بهدف القضاء على حزب الله وخلال العدوان صرحت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس من بيروت هناك مخاض ولادة شرق أوسط جديد وكانت السعودية من المشجعين على هذا العدوان .
بعد هزيمة الصهاينة في لبنان وعدم تحقيق أهداف العدوان ، شنوا الصهاينة ثلاث اعتداءات وحشية على قطاع غزة بهدف القضاء على حركة حماس سفكت خلالها الدماء بغزارة والدول العربية لم تحرك ساكنا .
المفاجئة المفجعة كانت تشكيل حلف عربي مكون من عشرة دول عربية بقيادة السعودية لشن حرب مدمرة على اليمن ، دخلت عامها الثالث قتل فيها الآلاف وجرح عشرات الآلاف وأكثر من مليون يمني مهددون بالموت جوعا وتفشي مرض الكوليرا بسبب الحصار المفروض من الطواغيت على اليمن ، وكل هذا الإجرام بحق الإنسانية تحت مبرر الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة العربية .
السؤال الذي يطرح نفسه أين كانوا هؤلاء الطواغيت خلال العدوان على لبنان و قطاع غزة؟!
لم تترك السعودية دولة عربية دون التدخل في شؤونها الداخلية وتترك خلفها بصمات واضحة كما فعلت في ليبيا مع حلفائها الإمارات العربية المتحدة و قطر ، وتدخلها في الشؤون المصرية بدعمها للرئيس السيسي بعزل الرئيس مرسي ومحاولة القضاء على الاخوان المسلمين في مصر .
كذلك فرض الحصار على قطر والضغط عليها بالتخلي عن دعم حركة حماس وطرد العديد من قياداتها من قطر وذلك لإضعاف حركة حماس وممارسة الضغوط عليها محليا وإقليميا وتصنيفها كحركة إرهابية للقبول بالمصالحة الفلسطينية الفلسطينية والرضوخ لسياسة حليفها السلطة الفلسطينية برعاية مصرية لتمرير إتفاقية صفقة العصر لإنهاء القضية الفلسطينية حسب الرؤيا الأمريكية الصهيونية السعودية وهذا تدخل سافر في الشأن الفلسطيني .
نقتبس جزء من الوثيقة السرية صادرة عن وزارة الخارجية السعودية الى ولي العهد محمد بن سلمان موقعة من وزير الخارجية عادل الجبير .
خلاصة مباحثات وتوصيات حول مشروع إقامة علاقات بين السعودية وإسرائيل ، استنادا لاتفاق الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية .
مضمون الوثيقة :
إخضاع مدينة القدس للسيادة الدولية ، توطين اللاجئين الفلسطينيين في البلدان العربية.
ينتهي الصراع مع العدو و يبدأ عصر السلام والازدهار بين الكيان الصهيوني والدول العربية.
يفتح مجال التعاون الأمني وينشئ حلف عربي إسرائيلي لمواجهة إيران وحزب الله على مختلف الصعد .
تسخر المملكة السعودية قدراتها الدبلوماسية وعلاقاتها السياسية مع السلطة الفلسطينية ومع الدول العربية والإسلامية لتسهيل إيجاد الحلول المقبولة والمبادرة بشأن القضايا المختلف عليها في البنود المتضمنة في المبادرة العربية للسلام .
اتفاق المبادئ الرئيسية يتبعه لقاء وزراء الخارجية ثم قمة بدعوة من الرئيس الأمريكي ترامب .
مؤخرا التدخل السافر و الوقح من قبل السعودية بالشؤون الداخلية اللبنانية باستدعاء رئيس الوزراء اللبناني الشيخ سعد الحريري وارغامه على تقديم استقالته من منصبه وإعلان حرب سياسية واقتصادية على لبنان لزعزعة الاستقرار الأمني والاقتصادي والسياسي في البلاد ومحاولة افتعال مشاكل داخلية والولوج في صرعات تأخذ الوجه المذهبي ، غير أن حكمة الرئيس عون وسماحة السيد حسن نصرالله وحكمة اللبنانيين كافة أحبط المشروع السعودي في لبنان .
السعودية تدعو إلى اجتماع جامعة الدول العربية ١٩/١١/٢٠١٧ طارئ لوزراء الخارجية لبحث التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية ، تمهيدا لاجتماع قمة عربية لتشكيل حلف عربي معادي لإيران وحزب الله .
لقد اتضح أن المملكة العربية السعودية أصبحت مهيمنة على قرارات الجامعة العربية وتصدر القرارات التي تخدم مصالحها المشتركة مع الامريكان والصهاينة ، سبق وأن أصدرت قرارات على مستوى اجتماع قمة عربية ومؤتمر قمة إسلامي أن حزب الله اللبناني و حركة حماس الفلسطينية هم إرهابيون .
أصبح من الواضح مدى انخراط المملكة العربية السعودية بالمشروع الأمريكي الإسرائيلي في تدمير المنطقة العربية ومشاركتها بالقضاء على حركات المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين والدول الداعمة لها ومحاولة تقطيع الأوصال بداية من إيران مرورا بالعراق وسوريا وصولا إلى لبنان ، لكي تتمكن من قيادة الأمتين العربية والإسلامية لتسهيل إيجاد الحلول المقبولة والمبادرة بشأن القضايا المختلف عليها للتوصل لإنهاء الصراع العربي الصهيوني .