الرؤية السليمة
بقلم: أور سري الناطقة بلسان مبادرة جنيف – معاريف
في مقال نشر مؤخرا في صفحة الاراء في “معاريف المجلة” (“الزمن يعمل في صالحنا”، 26/12) ادعى النائب السابق البروفيسور آريه الداد بان “الزمن يعمل في صالحنا” بالنسبة للنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. ولكن ما هو “صالحنا” هذا في نظره. اليمين في اسرائيل لم يعرض خطة سياسية منذ سنين، وفي غيابها، يبدأ اليمين المسيحاني المتطرف في اطلاق رؤساه اكثر فأكثر: ذات يوم سيترك الفلسطينيون، وكل المناطق التي بين النهر والبحر ستضم وستكون تحت سيادة اسرائيلية. متى سيأتي هذا اليوم؟ لا نعرف. ولكن من خلال الشعار “شعب الخلود لا يخاف الطريق الطويل” واختلاق المعطيات الديمغرافية في يهودا والسامرة – هذا اليمين ينقط بان كل ما تبقى لنا هو الانتظار.
فحسب معطيات الادارة المدنية في الجيش الاسرائيلي، الذي يسيطر على الضفة، يعيش في يهودا والسامرة فقط، بدون غزة، نحو 2.75 مليون فلسطيني. بعض من اليمين يحرصون على تقليل هذه المعطيات، وفي مقابلة اجريت مؤخرا مع الوزير نفتالي بينيت ادعى بانه يوجد مليون ونصف فلسطيني في الضفة. وحتى حسب هذا التقدير الناقص، ما هو مخطط بينيت وشركاه بالنسبة لاولئك الناس؟ الانتظار حتى يتركوا؟ اعطاؤهم حقوق المواطن الكاملة؟ تحويلهم الى مواطنين من الدرجة الثانية؟ وهذا دون أن نذكر غزة، حيث يعيش نحو 1.8 مليون فلسطيني، اكثر من نصفهم دون سن 18، مغلقون هناك ولا يمكنهم أن يذهبوا الى أي مكان. هناك في اليمين من يدس رأسه في الرمال ببساطة ويتجاهل وجودهم.
في مقاله يثبت الداد حجته بان الزمن يعمل في صالحنا في أنه بعد سبعين سنة، اعترفت الولايات المتحدة ودول اخرى بالقدس كعاصمة اسرائيل. وحسب نهجه، فبعد سبعين سنة “سيعترفون ايضا بشرقي القدس”. وهو يتجاهل حقيقة أن تصريح الولايات المتحدة عن القدس ايقظ اساسا من سباتها الدول المعارضة للاعتراف بالقدس كعاصمة اسرائيل – والتي هي اغلبية الدول في العالم كما ينبغي أن نذكر، وكذا ادخل الى الساحة وسطاء دوليين آخرين كفيلين بان يكونوا اقل التزاما من الولايات المتحدة بسياسة الحكومة في اسرائيل. فضلا عن ذلك، يأمل الداد في أن يعترف العالم بشرقي القدس كجزء من دولة اسرائيل، ولكنه ينسى أن دولة اسرائيل وبلدية القدس تفضلان تجاهلها. فالقرى الفلسطينية من شرقي القدس والتي احتلتها اسرائيل في حرب الايام الستة، وان كانت ضمت الى القدس، ولكن أي مصلحة امنية أو ايديولوجية توجد لاسرائيل في حيازة مناطق يعي فيها شعب آخر؟ هل مخيم اللاجئين شعفاط وجبل المكبر هما صخرة وجودنا؟ يحاول الداد لذع مبادرة جنيف ويستخدم التقدير الذي قدمه رئيس المخابرات نداف اغرمان في لجنة الخارجية والامن، والذي يقول فيه ان ابو مازن آخذ في الضعف، وان هناك تخوف من أن تسيطر حماس على يهودا والسامرة ايضا. ولكن عمليا تقدير رئيس المخابرات يعزز قولنا – في أنه بدون اتفاق سياسي مع عباس، حماس ستتعزز قوة. والان على اسرائيل أن تختار بين استمرار النزاع مع حكم حماس أو حل النزاع مع السلطة الفلسطينية. في اليسار الاسرائيلي ايضا يؤمنون بان شعب الخلود لا يخاف الطريق الطويل، ولكنهم يؤمنون ايضا بان شعب الخلود يستحق الراحة من الفي سنة اضطهاد، والا يعيش ويموت على حربته في دولته السيادية. وبخلاف الداد، نحن لا نؤمن بان الزمن يعمل في صالحنا عندما نواصل ارسال ابنائنا واحفادنا الى الجيش، للقيام بمهام حفظ النظام والسيطرة على سكان مدنيين. الزمن لا يعمل في صالحنا حين يضع ابناءنا، سلاح في مواجهة الصفعة، كي يحمي، ضمن امور اخرى، المستوطنين الذين اختاروا السكن في مستوطنات منعزلة في قلب سكان فلسطينيين، ولا يحترمون دوما حكم القانون او الجنود أنفسهم.
نحن نؤمن بان الانتظار والجمود يؤديان الى دولة واحدة ثنائية القومية، ولهذا فانهما يعرضان دولة اسرائيل كيهودية وديمقراطية للخطر. واضح لنا عن أي جزء يبدي اليمين استعداده للتنازل عنه – أي عن الديمقراطية. ولكن المعنى الفوري للتنازل عن الديمقراطية هو النسيان بان العناق الامريكي الذي يتضمن موقفا صلبا حيال ايران، مساعدة امنية سخية وعزلة دولية. فهل هذا هو المستقبل الذي نتمناه؟