الدولة تشغل سرا ذراعا قانونيا في الخارج ضد نشطاء بي.دي.اس
بقلم: حاييم لفنسون وبراك ربيد – هآرتس
الحكومة تشغل سرا منذ سنتين ذراعا قانونيا في اوروبا، في شمال امريكا وفي دول اخرى بهدف محاربة نشاطات حركة الـ بي.دي.اس، والتي تعمل على تشجيع مقاطعة وسحب الاستثمارات ومعاقبة اسرائيل. الوثائق التي وصلت الى “هآرتس” والمحادثات مع موظفين كبار يعملون في هذا الموضوع تكشف عن أنه من أجل القيام بهذه النشاطات استأجرت الدولة خدمات مكتب المحاماة العالمي “سدلي اوستن”، من أجل القيام بالاجراءات القانونية من قبل اسرائيل ضد نشطاء الـ بي.دي.اس، بتكلفة تصل حوالي مليوني شيكل. في وزارة العدل ووزارة الشؤون الاستراتيجية يرفضون الكشف عن طبيعة النشاطات القانونية ويصفونها بأنها “حساسة جدا من ناحية سياسية”.
قبل حوالي سنتين اتخذ الكابنت السياسي الامني قرارا حديثا حدد وظائف وزارة الشؤون الاستراتيجية كمسؤولة عن تنسيق النشاط ضد سحب الشرعية من اسرائيل وضد حركة المقاطعة، وحدد أهداف وخصص لها موارد كثيرة. وزارة الشؤون الاستراتيجية تحول أموال لتمويل لنشاطات وزارة الخارجية في أرجاء العالم والى منظمات يهودية في الخارج من أجل نشاطات دعائية في الجامعات. اضافة الى ذلك فانه في وزارة الشؤون الاستراتيجية يعمل جهاز يقوم بتنفيذ نشاطات سرية لم يتم نشر طبيعتها. المديرة العامة للوزارة سيما فاكنن – غيل قالت سابقا في الكنيست بان هذا الجهاز يعمل في “جمع معلومات والقيام بهجمات”.
في السنة الاخيرة توجه المحامي ايتي ماك باسم مجموعة نشطاء حقوق انسان، الى وزارات الحكومة المختلفة، بطلب الحصول على معلومات عن الاتصالات التي تمت مع جهات في الخارج بشأن النضال ضد الـ بي.دي.اس. في وزارة الخارجية ادعوا بعدم وجود اتصالات كهذه. في وزارة العدل تم اعطاء وثائق موضوعها هو النشاطات القانونية في الخارج، ولكن اجزاء كبيرة منها تم التحفظ منها لاسباب أمنية وسياسية.
من هذه الوثائق يتضح أن قسم المهام الخاصة في النيابة العامة للدولة، المسؤولة عن معالجة الشؤون السياسية الامنية، اجرت بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاستراتيجية في بداية 2016 مناقصة لمكاتب المحاماة الدولية بهدف “القيام بتجهيز وثائق واستشارات قانونية، القيام بالاجراءات القانونية (تقديم دعاوي او تمثيل) عند اللزوم… محاربة ظاهرة الـ بي.دي.اس وخاصة في كل ما يتعلق بالدعوات والمبادرات بفرض مقاطعة وعقوبات سواء على شركات اسرائيلية أو على شركات أجنبية تمارس نشاطات تجارية في اسرائيل”. التفصيل الدقيق لنوعية الخدمة تم التستر عليه في الوثيقة. حسب ادعاء وزارة العدل فقد تم طمس التفاصيل لوجود خوف أن يؤدي نشرها “التسبب بضرر للعلاقات الخارجية للدولة والاضرار بقدرة هذه الجهات في توفير الخدمة المطلوبة”.
في شباط 2016 اتصلت وزارة العدل مع مكتب محاماة معين ولكن في ايار طلبت استبداله بعد أن ثارت مخاوف بوجود تضارب في المصالح مع المكتب الذي تم اختياره. لهذا تمت المصادقة على الاتصال بمكتب آخر بمبلغ 290 ألف يورو، مع احتمالة زيادة العقد بـ 200 الف يورو على ساعات عمل اضافية. لجنة الاتصالات صادقة على خيار آخر، لزيادة الاتصالات بنفس الشروط بـ 773 الف يورو اخرى. المبلغ الاجمالي لتكلفة الاتصالات هو 925 الف يورو أي حوالي 4 مليون شيكل.
لجنة العطاءات قررت عدم نشر موضوع الاتصالات في جهاز المعلومات الحكومي “منوف”، نظرا لحساسيتها للعلاقات الخارجية للدولة. الحظر الذي فرض على نشر الاتصالات هذه من شأنه ان يشير على أن الخدمات القانونية ليست مجرد كتابة استشارات قانونية عن قانونية هذا النشاط او ذاك، بل تجهيز دعاوي مدنية ضد نشطاء مؤيدين للـ بي.دي.اس، وان اسرائيل لا تريد ان تظهر كممولة لهذه الدعاوي من أجل الا يتم اعتبارها كمن تتدخل في شؤون دول اخرى.
المحامي ايتي ماك قال لـ “هآرتس” بانه “هنالك خطر منحدر زلق في سرية النشاطات الاسرائيلية في العالم ضد نشطاء ونشاطات الـ بي.دي.اس، وكذلك من المقلق جدا المصطلحات العسكرية التي يستخدمها موظفون كبار في وزارة الشؤون الاستراتيجية، في حربهم ضد مدنيين في الخارج، الذين ينتقدون دولة اسرائيل”. حسب اقواله، “وشبيها بالصعوبة التي تواجهها دولة اسرائيل في تسويق الاحتلال ايضا النظام في جنوب افريقيا وجد صعوبة في تسويق”الابرتهايد”. بريتوريا قامت بعملية سرية للتضليل والملاحقة للنشطاء المناوئين للابرتهايد، والتي أدى كشفها الى استقالة رئيس الحكومة ولاحقا الى فتح تحقيق جنائي والى تقديم دعاوي مدنية في الولايات المتحدة. نحن نأمل الا تستغل اسرائيل السرية من أجل اجتياز الخطوط الجنائية”.
الأموال للنشاطات القضائية يتم تحويلها عن طريق نظام في وزارة العدل، المسمى “التعامل مع سلطة دولية”، والمستخدم للتعاقدات الدولية. من تقرير التعاقدات لوزارة العدل يتضح أنه في اطار هذا النظام تعاقدت الدولة في اذار 2016 مع مكتب محاماة دولي “سدلي اوستن” مقابل خدمات استشارية بدون اعلان عطاء. في الربع الاول والثاني لسنة 2017 تم دفع 219 الف دولار للمكتب. موظف كبير أشار الى أنه في السنتين الاخيرتين انفقت اسرائيل حوالي مليوني شيكل على نشاطات قضائية لمكتب “سدلي اوستن” بخصوص نشاطات الـ بي.دي.اس – أي حوالي نصف الاربعة ملايين شيكل التي خصصت لهذا الغرض.
“سدلي اوستن” هو مكتب محاماة امريكي، من المكاتب الكبيرة في الولايات المتحدة والذي يوظف 1.900 محامي: وقد اشتهر كمكان تعرفت فيه ميشل روبنسون التي كانت حينئذ محامية شابة على أحد المتدربين في المكتب – براك اوباما، رئيس الولايات المتحدة السابق. المركز الرئيسي للمكتب يقع في شيكاغو ولديه أربع فروع في اوروبا: بروكسل، لندن، ميونخ وجنيف.
لقد توجهنا بالسؤال الى مكتب “سدلي اوستن” حول ما هي الخدمات التي يقدمها مقابل الاموال التي يتلقاها من حكومة اسرائيل ولكن سؤالنا لم تتم الاجابة عليه. موظفان اسرائيليان كبيران لهما علاقة بهذه القضية اشارا الى ان النشاطات التي ينفذها مكتب “سدلي اوستن” لمصلحة اسرائيل حساسة جدا من ناحية سياسية لانه يتم تنفيذها في دول أجنبية.