الدافع الداخلي للهدم
بقلم: عميره هاس – هآرتس
المتحدثون باسم شرطة حرس الحدود والمتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي، من منهم يجب أن يرد على “هآرتس” لماذا هدمت قواتنا اربعة مباني سكنية في المداهمات في الاسبوع الماضي لقرية واد بورقين في جنين، في حين أن الانطباع السائد من تقارير قواتنا هو أنه هدم بيت واحد فقط؟ هل هناك من يخجل؟ حيث أنه لا حاجة لاخفاء ثمار التدمير الخاص بنا عن الجمهور في اسرائيل. الجمهور يثق بكل عملية عسكرية. بحيث يتم في نهاية الامر تسوية كل الفلسطينيين والمنازل الفلسطينية بالارض. جمهورنا في “الكولوسيوم” يحب الانتقاد الجماعي، واتهامات الشباك مقدسة في نظره أكثر من التوراة، حتى قانون الدكاكين لم يكن ليحول اهتمامهم عن المشهد المهدد لاطلال جديدة، التي دفن تحتها دفاتر وحقائب مدرسية وأدوية ضغط الدم وشهادات مدرسية وفراشي اسنان لـ 18 شخص.
في يوم السبت بعد الظهر، عند عودتي من ساحة التدمير في واد بورقين قرب مخيم جنين، رد المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي أنه يجب علي توجيه اسئلتي ايضا لحرس الحدود والشباك. وهذا ما فعلته. الشباك لم يرد، المتحدثة بلسان حرس الحدود كتبت: “الرد الشامل سيقدم من الجيش”، الرد لم يصل وتم نشر المقال بدونه. أمس قالت لي جندية في وحدة المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي: “الحادثة أديرت من قبل حرس الحدود – من بدايتها وحتى نهايتها. يجب عليهم هم الرد”. تولد لدي انطباع أنها فوجئت عندما قلت لها ما قالته لي المتحدثة بلسان حرس الحدود. هل لعبة كرة الطاولة الخاصة بالرد هي اعتراف غير مباشر بفشل العملية، حيث أن احمد جرار المتهم بقتل رزئيل شيفح لم يتم العثور عليه بعد اطلاق صاروخ على بيت والدته ختام الذي اشتعل وقامت الجرافات بهدمه.
بالنسبة لعائلة جرار الممتدة بشيوخها وأولادها والتي مرت بليلة فظيعة، فان هذا الارتباك بين الشرطة وحرس الحدود لا يهمها. احمد اسماعيل، إبن عم احمد ناصر، قتل. اسرائيل ما زالت تحتفظ بجثته، وما زال قبره الذي حفر فارغا، قواتنا قالت إنه أطلق النار على الجنود واصاب شرطيين اسرائيليين. شقيقه محمد قال للصحيفة بأنهما خرجا معا من البيت لاستكمال محادثة حول شؤون عائلية، وأنهما افترقا قرب بيت الارملة ختام. محمد عاد الى البيت أما أحد فذهب للنوم عند صديق. اذا كان حقا قد اطلق النار على الجنود – هذا مصدر للفخر المختلط بالألم، لكن في عائلة جرار يجدون صعوبة في تصديق ذلك لأن أحمد لم يظهر أبدا ميله للسلاح.
الجرحى الذين ابلغ عنهم الفلسطينيون هم من مخيم جنين للاجئين. المعتقلون الثلاثة (تم اطلاق أحدهم) تم اعتقالهم خارج الحي دون صلة باطلاق النار، وهم ليسوا من عائلة جرار. خلافا لاحمد اسماعيل الذي ما زال تورطه يعتبر لغزا، اذا كان هناك فلسطينيون اطلقوا النار على الجنود الاسرائيليين عند الهجوم – يبدو أنهم ليسوا من عائلة جرار.
ولكن تم هدم البيوت الاربعة. بصورة طبيعية قصف ودمر شبابنا الممتازون بيت ختام، ضمن اجراء عنيف وسادي يسمى “وعاء الضغط”، الذي بدون محاكمة وبغطاء الضرورة العملياتية يتم الانتقام من كل أبناء العائلة. وبيت اسماعيل؟ هل هو ايضا ضرورة عملياتية؟ الانطباع هو أنه هدم كعقاب جماعي في محاكمة ميدانية، حيث أن وحدة الشرطة الخاصة المنفعلة بسبب اصابة شرطيين منها، قررت أن الفتى احمد هو الذي اطلق النار عليهما.
وبدون تحذير ودون اعطاء وقت قامت الجرافات بهدم بيت علي ونسيم جرار، في الوقت الذي كان فيه ستة من أبناء العائلة – الاصغر هي طفلة عمرها 6 سنوات – يوجدون في داخله. هل الموت تحت الانقاض أو الخروج والمخاطرة باطلاق النار عليهم حالا؟ تلك كانت المعضلة. عندما هربوا من البوابة الخلفية قام الجنود باعتقالهم، وبعد ذلك أطلقوا سراحهم. في الوقت الذي كانت فيه الجرافات تكمل عملية الهدم.
يوجد ايضا بيت قديم غير مأهول قمنا بهدمه وتدمير. حتى الآن يسمى هذا البيت “بيت الحجات”، وآخر من سكنه كان أختان مسنتان، وكان يتم ارسال الاطفال اليهما من اجل اللعب. الابناء والاحفاد سيواصلون حمل شعلة الغضب والاشمئزاز تجاه من قاموا بالهدم.