تقارير

الأغوار.. سلّة فلسطين الغذائية منهوبة بذرائع “أمنية”

تتعرض الأغوار الفلسطينية لعمليات استيطانية وإرهاب المستوطنين ومحاولات تهجير السكان والسيطرة عليها بالكامل، وغيرها من الاجراءات التعسفية غير القانونية، وسياسة الفصل والتمييز العنصري التي يُمارسها الاحتلال الصهيوني، لتقليص أعداد الفلسطينيين القاطنين فيها باستخدام سياسات عنصرية ممنهجة، تهدف إلى تهجيرهم بالقوة والسيطرة على أراضيهم.

ويُسيطر الاحتلال على 400 ألف دونم من أراضي الأغوار، بذريعة استخدامها كمناطق عسكرية مغلقة؛ أي ما نسبته 55.5% من المساحة الكلية للأغوار؛ ويحظر على السكان الفلسطينيين ممارسة أي نشاط زراعي أو عمراني أو أي نشاط آخر في هذه المناطق، وأنشأ الاحتلال 90 موقعًا عسكريًا في الأغوار منذ احتلالها عام 1967.

إضافة لذلك، تمارس حكومة الاحتلال من خلال المستوطنات المقامة في الأغوار الفلسطينية أكبر عملية سرقة للمياه الفلسطينية.

ويوضح الخبير في الشؤون الاستيطانية، محمود صوافطة، في تصريح لـ”بوابة الهدف”، أنّ أول مستوطنة زراعية وتسمى “موخانا”، أقيمت في الأغوار العام 1968، وتبعها إقامة العديد من المستوطنات الأخرى غالبيتها زراعية تقوم على سحب المياه من القرى الفلسطينية المقامة في الأغوار وحرمانها من الحق في هذه المياه.

وبيَّن صوافطة أن أرض الأغوار مستباحة بحجة أغراض “أمنية”، ومعظمها مقام عليه ما هو أشبه بنقاط تدريب عسكرية، وأخرى معسكرات لجيش الاحتلال، وقليل منها لأغراض السكن التي يحاول الاحتلال جلب السكان إليها وتطويرها، ساعيًا إلى إحياء مشاريع المياه التي تم الحديث عنها خلال سنوات ماضية، ومنها قناة البحرين وما يطلق عليه مشروع “الون” المبني على الاستيلاء على ما مسافته من 12-15 كم من نهر الأردن.

ويقول صوافطة، إن “الاحتلال مُؤخرًا يتعامل مع “الأغوار” على أنها جزء من دولة الاحتلال”، مُشيرًا إلى أن الاحتلال يحاول استثمار كل المشاريع في تلك المناطق هي (مشاريع إسرائيلية بحتة)”.

وحول ما يسمى بالاستيطان الزراعي وسرقة المياه الفلسطينية في الأغوار، ذكر صوافطة، أن الأغوار تعتبر سلة فلسطين الغذائية، وتؤثر على الزراعة الفلسطينية فالأرض وبمساحاتها الشاسعة مصادرة لعدة أغراض، إذ يحاول الاحتلال منع الفلسطينيين وعلى رأسهم المزارعين من الوصول اليها بحجة تدريبات عسكرية، ويوميًا توجد سرقة للأراضي في منطقة الأغوار إضافة إلى وجود تضيق على السكان الموجودين في المنطقة فالمنازل والبركسات تهدم يوميًا.

من جهته، صرّح الخبير الاقتصادي د. هيثم دراغمة، أن الأغوار الفلسطينية لا تقل أهمية بالنسبة للاحتلال الصهيوني عن مدينة القدس، وقد رهن موضوعها بالحل النهائي والسبب وراء ذلك أنها تعود بفائدة كبيرة على موازنة الاحتلال قدرت بمبالغ تزيد عن 30 مليار شيقل سنويًا، مُبينًا أن الأراضي الموجودة في منطقة البحر الميت يوجد عليها أكثر من “30” شركة “إسرائيلية” تعمل في مجالات مختلفة منها ما له علاقة بمواد مستخرجة من البحر الميت “صناعات تجميلية وطبية” وشركات سياحية على افتراض أنها منطقة سياحية – دينية وهو ما يعود على دولة الاحتلال بمبالغ كبيرة جدًا فاقت الثلاثة مليار دولار.

وقال دراغمة لـ”بوابة الهدف”، أنّ الاحتلال يهتم جدًا بهذه المنطقة ويعتبرها، لذرائع أمنية، مناطق حدودية مع دول الأردن ولبنان وسوريا لحفظ أمن “دولته” ولكن الحقيقة غير ذلك، حيث تعود عليه بفوائد مالية كبيرة جدًا على موازنته، لذلك لن يتيح المجال بسهولة للفلسطينيين السيطرة عليها ما جعله يرجئ الحديث عن الأغوار في المفاوضات التي حدثت بين منظمة التحرير و”إسرائيل” إلى مراحل الحل النهائي، مثلها مثل مدينة القدس.

وتمتد الأغوار الفلسطينية من بيسان حتى صفد شمالاً؛ ومن عين جدي حتى النقب جنوبًا؛ ومن منتصف نهر الأردن حتى السفوح الشرقية للضفة الغربية غربًا. وتبلغ المساحة الإجمالية للأغوار 720 ألف دونم.

وللأغوار أهمية عظيمة تكمن في كونها منطقة طبيعية دافئة يمكن استغلالها للزراعة طوال العام؛ إضافة إلى خصوبة التربة؛ وتوفر مصادر المياه فيها؛ فهي تتربع فوق أهم حوض مائي في فلسطين.

وتشكل منطقة الأغوار ربع مساحة الضفة الغربية؛ ويعيش فيها 50 ألف مواطن بما فيها مدينة أريحا؛ وهو ما نسبته 2% من مجموع السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.

ويبلغ عدد التجمعات الفلسطينية في منطقة الأغوار 27 تجمعًا ثابتًا على مساحة 10 آلاف دونم، وعشرات التجمعات الرعوية والبدوية.

كما تتبع تجمعات الأغوار إداريًا لثلاث محافظات فلسطينية هي: محافظة طوباس (الأغوار الشمالية)، بواقع 11 تجمعًا؛ ومحافظة نابلس (الأغوار الوسطى)، وتشمل 4 تجمعات؛ ومحافظة أريحا (الأغوار الجنوبية)، وتحتوي على 12 تجمعًا.

هذا وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في منطقة الأغوار 280 ألف دونم؛ أي ما نسبته 38.8% من المساحة الكلية للأغوار؛ يستغل الفلسطينيون منها 50 ألف دونم؛ فيما يستغل سكان مستوطنات الأغوار 27 ألف دونٍم من الأراضي الزراعية فيها.

وتقسم مناطق الأغوار إلى: مناطق (A)، وتخضع لسيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية، ومساحتها 85 كم2، ونسبتها 7.4% من مساحة الأغوار الكلية؛ ومناطق (B)، وهي منطقة تقاسم مشترك بين السلطة و”إسرائيل”، ومساحتها 50 كم2، ونسبتها 4.3% من المساحة الكلية للأغوار؛ ومناطق (C) وتخضع للسيطرة “الإسرائيلية” الكاملة، ومساحتها 1155 كلم، وتشكل الغالبية العظمى من منطقة الأغوار (بنسبة 88.3%).

وتجثم على أراضي الأغوار الفلسطينية 31 مستوطنة، وغالبيتها زراعية، أقيمت على 12 ألف دونم، إضافة إلى 60 ألف دونم ملحق بها، ويسكنها 8300 مستوطن.

وتتبع معظم المستوطنات في الأغوار للمجالس الاستيطانية الاقليمية المعروفة باسم “عرفوت هيردن” و”مجيلوت”.

ويُذكر أن أقدم مستوطنات الأغوار هي “ميخولا” و”مسواه” و”يتاف”، التي أنشئت عام 1969؛ وأحدثها من حيث الإنشاء مستوطنة “سيليت”، التي أنشئت عام 2003.

وكان الاحتلال قد هجّر ما يزيد عن 50 ألفًا من سكان الأغوار منذ عام 1967؛ بالإضافة إلى تجمعات سكانية كاملة، بحجة إقامتهم في مناطق عسكرية؛ مثل تهجير أهالي خربة الحديدية في الأغوار الشمالية.

وشهد عام 2010 -تحديدًا في شهري حزيران وتموز- أكثر من 90 عملية هدم في الأغوار الشمالية، وتحديدًا في خربتي الرأس الأحمر وعاطوف؛ ما أدى إلى تشريد 107 من سكانها، بينهم 52 طفلًا.

وتقيم قوات الاحتلال حاجزي “الحمرا”، و”تياسير” على مداخل الأغوار؛ لاستخدامها في سياسة الإغلاق التي درجت على تطبيقها، للحيلولة دون وصول منتجات الأغوار إلى السوق الفلسطينية.

وفصلت قوات الاحتلال الأغوار بشكلٍ كامل عن باقي مناطق الضفة خلال انتفاضة الأقصى عام 2000م؛ لعرقلة وصول المواطنين الفلسطينيين من المزارعين والعمال.

وتحتوي منطقة الأغوار الجنوبية على 91 بئرًا؛ والأغوار الوسطى على 68 بئرًا؛ أما الأغوار الشمالية فتحتوي على 10 آبار. و60% من الآبار حُفِرَت في العهد الأردني؛ وكثير منها يمنع الاحتلال تجديدها ضمن سياسة التضييق على السكان.

ويقع في الأغوار 50% من إجمالي المساحات الزراعية في الضفة الغربية؛ و60% من إجمالي ناتج الخضار.

المصدر : بوابة الهدف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى