استمرار الانقسام بين فتح وحماس مريح لنتنياهو
بقلم: عاموس هرئيل – هآرتس
الاتصالات المتقدمة عن المصالحة بين السلطة الفلسطينية وحماس تعكس، اولا وقبل كل شيء الازمة الاستراتيجية التي علقت فيها حماس في السنة الاخيرة. اذا وافقت حماس على أن توقع اخيرا على تسوية متجددة لتقاسم القوى مع السلطة، فسيشهد الامر على أن استراتيجية استخدام الضغط التي انتهجها رئيس السلطة محمود عباس (ابو مازن) تجاه قطاع غزة تعطي أخيرا أُكلها. وفي نفس الوقت، ستكون هذه نتيجة مساعي الوساطة التي اتخذتها مصر، من ناحية اسرائيل، يحتمل أن تكون هنا امكانية كامنة لتحقيق تهدئة على مدى طويل نسبيا على حدود القطاع، وان كانت علامات الاستفهام لا تزال كثيرة.
اليوم يفترض بحكومة السلطة أن تتوجه من رام الله الى غزة وغدا ستبدأ محادثات الموظفين من الطرفين، بوساطة مصرية. الخطوة الاولى، التي وافقت عليها حماس، تتعلق باخراج “العنزة” التي أدخلتها المنظمة قبل نحو سنة – حل اللجنة الادارية للقطاع، والتي أغضبت عباس.
من 2007 وحتى 2016، رغم ان حماس اقامت حكومة في القطاع وسيطرت عليه عمليا، وافقت السلطة بشكل عام على مواصلة المساعدة في تمويل النشاط المدني في غزة. وكان تشكيل اللجنة تنكرا مطلقا من حماس للعلاقة مع السلطة فرد عباس عليها بتقليص دفعات الرواتب لموظفي السلطة في القطاع وباستمرار وقف تمويل الكهرباء، والذي جعل حياة المواطنين في القطاع تكاد لا تطاق.
في 2014، عند أزمة مشابهة جدا مع السلطة، اختارت حماس الخروج من الحصار من خلال التصعيد العسكري مع اسرائيل والذي كانت نهايته (كنتيجة لسلسلة تفسيرات مغلوطة من الطرفين ايضا) صدام واسع في حملة “الجرف الصامد”. هذه المرة يخيل ان الزعيم الجديد بالذات، يحيى السنوار، المخرب الذي قضى أكثر من 20 سنة في السجن الاسرائيلي، توصل الى الاستنتاجات المعاكسة. فحماس تؤشر الى أنها مستعدة للتنازلات تجاه السلطة، مقابل تخفيف الضغط الاقتصادي عنها.
يحتمل أن تكون المنظمة لا تزال تنتعش من اضرار الحرب قبل ثلاث سنوات ويبدو أن قادتها يفهمون بانه من الصعب ايضا الخروج الى حرب حين تبقي مصر على تحالف مصالح مع اسرائيل بينما قطر، السيدة المحتملة الاخرى، مشغولة البال بمشاكلها الخاصة مع السعودية في الخليج. ومع أن المساعدة الايرانية للذراع العسكري استؤنفت، مشكوك أن يكون في هذا ما يضمن طول نفس لحماس.
تفاصيل كثيرة في الاتفاق المتحقق لا تزال غير واضحة. فاحدى المسائل الاهم تتعلق بـ “سلاح المقاومة”، ترسانة السلاح الكبيرة التي لدى الذراع العسكري لحماس. من الرسائل التي تنقلها قيادة المنظمة في الايام الاخيرة، يبدو أن ليس لها اي نية لاخضاع مسلحيها لامرة السلطة وان اذرع الامن الوحيدة التي ستنتقل الى سيطرة عباس ستكون منظومة الدفاع المدني والشرطة “الزرقاء”. مسألة ثانية تتعلق بمستقبل معابر الحدود.
في مراحل سابقة من المفاوضات جرى الحديث عن امكانية اعطاء الاذن لتواجد أجهزة السلطة في المعابر التي بين غزة ومصر واسرائيل. وفي اسرائيل يثور الاشتباه بان حماس تسعى الى محاكاة نموذج حزب الله: مثل حزب الله في لبنان، ستشارك في الحكومة الحاكمة، ولكن قوات الامن الخاصة بها ستبقى بعيدة عن سيطرة السلطة.
علامة استفهام ثالثة تتعلق بدور محمد دحلان، رجل فتح الذي تورط مع عباس. فقط بسط الجنرالات المصريون رعايتهم على دحلان قبل بضع سنوات ويسعون لمنحه مكانة متجددة في القطاع. ويبدو أن حماس مستعدة للتفكير في ذلك، ولكن في نظر عباس كل تواجد لدحلان ورجاله هو علم أحمر ومن شأنه ان يفشل الاتفاق.
من ناحية اسرائيل، في تسوية لمدى بعيد نسبيا يعاد فيها للسلطة دور في قطاع غزة توجد فضائل لانها كفيلة بان تفرض لجاما معينا على سلوك حماس. اما النواقص المحتملة فتكمن في مسألة الرقابة على ذراعها العسكري وسلاحها وكذا في ما من شأنه ان يحصل في الضفة الغربية. في السنوات الاخيرة، بما في ذلك تخوف عباس من محاولة حماس الانقلاب عليه اتخذ يدا قاسية تجاهها في الضفة واعتقل المئات من رجالها. وتخفيف الضغط عن خلايا المنظمة في الضفة من شأنه ايضا ان يسهل عليها تنفيذ عمليات ارهابية.
يوجد تحفظ آخر، يحتمل الا يكون مريحا لاسرائيل ان تعبر عنه علنا: فسواء رئيس الوزراء نتنياهو أم وزير الدفاع ليبرمان يفضلان على ما يبدو الانفصال بين السلطة وحماس، وذلك ايضا كي لا يتمكن عباس من الادعاء بانه اعاد توحيد الصفوف الفلسطينية وبالتالي يمكن العودة الى التقدم في المسيرة السياسية.
يبدو أنه من زاوية نظرهما، فان مفاوضات فلسطينية داخلية طويلة بالذات مفضلة على اتفاق قد يفرض على اسرائيل خطوات خاصة من جانبها.