ثقافة

إبن يافا يعرض معاناة شعبه في زواريب “صبرا”

كلما مررت  بأحد الأزقة المنسية في مخيم صبرا وشاتيلا، فاجأتني لوحات تزين  جدرانه، وكأنني أمام معرض تشكيلي دائم لفنان ثلاثيني لطخت يداه الألوان، وبدا مسكوناً بهموم شعبه ومعاناة مخيمه، فيما يتوقف المارة يتأملون أعماله بصمت وعيونهم تعرب عن اعجابهم الشديد بهذا الأبداع ورمزيته .

أثار فضولي فاقتربت منه وسألته  عن سبب عرض لوحاته في الهواء الطلق بدلاً من إقامة معارض إسوةً بزملائه، أو المشاركة في معارض جماعية، فأجاب إبن مدينة يافا المحتلة، الرسام محمود المصري وهو مشغول برسم إحدى لوحاته :

“ظروفي الصعبة هي التي دفعتني للجوء إلى الشارع، فهنا أستطيع أن أظل على تماس مباشر مع الناس، أخاطبهم ويخاطبونني ، وكما تعلم فإن إقامة معرض أو  الإشتراك في المعارض الجماعية تحتاج إلى رعاية وإمكانات، وللاسف لا توجد مؤسسات فلسطينية ترعى شؤون الرسامين الفلسطينيين وتقدم الخدمات لهم، لذلك قررت أن أواصل نشاطي هذا متحدياً كل الوضع القاسي الذي أعاني منه كما هو حال شعبي.

وأضاف في حديثه لـ “وكالة القدس للأنباء” : “سبق لي أن شاركت  بمعرض جماعي بالجامعة الأمريكية بال 2012، وقد لاقت لوحاتي إقبالاً وخاصة التي  تتعلق  بفلسطين والقدس”.

البدايات والتعبير عن قضايا الوطن

واستعرض المصري علاقته بالرسم موضحاً أنها بدأت مع  سن مبكرة، عندما لاحظ والده بأن لديه موهبة في هذا المجال، فعمل على تنميتها حيث اشترى له  دفتراً للتدريب على الخط ، واستمرى في شراء دفاتر خط حتى امتهن التخطيط وبدأ تخطيط آرمات المحلات لافتات الإعتصامات وبعدها قرر بأن  يدرس فن الرسم التشكيلي، فدخل “معهد حيدر حموي للفنون الجميلة”  ومن خلال الممارسة والمتابعة استطاع تنمية قدراته الفنية، ثم عمل كرسام تشكيلي في “مؤسسة صامد”.

وأشار إلى أن أبرز العناوين والقضايا التي تناولها تركزت على قضايا فلسطين وكفاح شعبها  ومعاناته في الداخل وفي الشتات.

وقال المصري :” رسمت على حيطان المخيمات في شاتيلا ومارالياس عن القضية الفلسطينة ومعاناة اللجوء، كما رسمت  الشخصيات الوطنية الفلسطينية كالشهيد أبو عمار والشهيد الشيخ أحمد ياسين ، الشهيد فتحي الشقاقي والشهيدة دلال المغربي  لما تمثله هذه الشخصيات من رمزية في وجدان الشعب الفلسطيني، وكذلك الشخصيات الداعمة للقضية الفلسطينية، وقريباً سوف أرسم لوحة فنية أطالب فيها الأونروا بأن تحتضن اللاجئين الفلسطينيين وعدم تقليص خدماتها”.

ورأى أن “الفن التشكيلي الفلسطيني استطاع  تجسيد الواقع الفلسطيني وإيصال القضية الفلسطينية إلى شعوب العالم عبر ما قدمه من أعمال”.

وأكد أنه تأثر فنياً بالفنانين المبدعين ابراهيم غنام واسماعيل شموط، لما عبرت لوحاتهما التشكلية عن نكبة فلسطين ومفتاح العودة.

اللوحات ورمزيتها

وأوضح :”أحببت مجال الرسم الكاريكاتيري ولكن لم أتابعه وفضلت بأن أهتم بالرسم التشكيلي التعبيري وباللوحات الطبيعية”.

ومن لوحاتي التشكيلية الداعمة لقضية فلسطين “العين الحزينة على فلسطين” فداخل الدمعة علم  فلسطين  كما تعبر عن معاناة الشتات من حرمان وحنين للعودة.

و”لوحة القدس” وهي عبارة عن مدينة القدس التي يحتضنها الشعب الفلسطيني كونها رمز الأمة العربية والإسلامية.

أما لوحة”غزة” فهي تلخص معاناة أهلنا في قطاع غزة في أعقاب الإعتداءات الصهيونية المتكررة.

ودعا المصري كل الجهات الفلسطينية المعنية بالإبداع والثقافة إلى مساعدته في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة، كي يتمكن من متابعة عمله وتقديم المزيد من الأعمال التي تقدم صورة واقعية عن معاناة شعبنا”.

وقال :”أحلم بالعودة إلى مدينتي يافا، كي  أرسمها عن قرب وأشم رائحة  ليمونها وزهور روابيها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى