أيّ دور لشرطة الاحتلال في تغيير الوضع القائم في الأقصى؟
حاول موشيه ديان، وزير جيش الاحتلال عند احتلال المسجد الأقصى عام 1967م، تجنّب الغضب الذي يمكن أن يظهر على المستوى العربي والإسلامي، فتمّ إقرار الوضع القائم منذ ما قبل الاحتلال بحيث تقتصر الصلاة في المسجد على المسلمين ويكون لغير المسلمين زيارة المكان، لكن من دون أداء الصلاة فيه. حافظت حكومات الاحتلال المتعاقبة على هذا الوضع، ولم تكن اقتحامات المستوطنين ذات أهميّة تذكر، لا سيّما في ظل الفتاوى الدينية التي تحرّم على اليهود الدخول إلى المسجد الأقصى من دون تحقّق شرط الطّهارة.
مع تنامي الصهيونية الدينية في ثمانينيات القرن الماضي بدأت فكرة الاقتحامات والصلاة في المسجد تكتسب زخمًا بفضل فتاوى تَقصُر حرمة دخول اليهود إلى الأقصى على أماكن محدّدة بذاتها يشك في أنّها مكان المعبد المزعوم. وحقّقت جماعات “المعبد” خروقات بعد وصول داعميها إلى “الكنيست” ومواقع متقدّمة في حكومة الاحتلال، وباتت طروحاتها تلاقي أصداء أوسع. لكن على الرغم من نجاح هذه الجماعات في استصدار أحكام قضائية من محاكم الاحتلال تؤكّد حقّهم بالصلاة في الأقصى إلا أنّها لم تتمكّن من تنفيذ هذه القرارات التي تركت لشرطة الاحتلال صلاحية تقدير الأوضاع على الأرض، وهو قرار لا يمكن أن يخرج عن إطار الموقف السياسي الذي تتبنّاه الحكومة مكرَهة.
انتقلت جماعات “المعبد” إلى تكتيك جديد يقوم على عدم انتظار الحكومة لتغيّر موقفها، بل المبادرة إلى فرض أمر واقع يلزم الحكومة إلى اعتماده في نهاية المطاف بعد ترسيخه على الأرض وإثبات أنّه لا يشكّل خطرًا أمنيًا، وهذا التكتيك هو زيادة وتيرة الاقتحامات. وقد دعم جماعات “المعبد” في ذلك تنامي تمثيل مطالبها في “الكنيست” والحكومة منذ عام 2013 تقريبًا، ثمّ كان الدعم الأهم منذ نحو عامين مع وصول جلعاد إردان إلى وزارة الأمن الداخلي، والمسؤولين الذين تمّ تعيينهم في جهاز الشرطة، وانسحاب ذلك على أداء الشرطة تجاه الاقتحامات.
تحاول هذه الورقة أن تحدّد ملامح التغيّر في سياسة الشرطة حيال الاقتحامات والتّعاون المتزايد بين الشرطة وجماعات “المعبد” من أجل إحداث ثغرات في الوضع القائم تؤدّي إلى تغييره وصولًا إلى جعل المعتقدات التلمودية حول “المعبد” أمرًا مفروضًا، ومقبولًا.
سياسة الشّرطة حيال الاقتحامات: تباشير التّغيير
عقد في شهر شباط/فبراير 2018 بالقدس المحتلّة مؤتمر لرؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى حضره عدد من كبار المسؤولين الصهاينة، الأمنيّين والسياسيين. وبرز في المؤتمر كلام روني الشيخ، المفتش العام لشرطة الاحتلال، عن صلاة اليهود في الأقصى وارتباط ذلك الأمر بقرار المستوى السّياسي والتوجيهات السياسية التي تعمل الشرطة بموجبها. فقد قال الشيخ إنّ قرار صلاة اليهود في الأقصى بيد السياسيين الذين يفرضون القيود، والشرطة ستؤمّن الحماية لليهود في حال قرر السياسيّون السماح بالأمر.
ليس هذا الكلام الصادر عن الشيخ بالجديد بل هو انعكاس لنظرة تبلورت في العامين الأخيرين وتطوّرت لمصلحة نشطاء “المعبد” ومطالبهم. ويمكن النظر إلى هذا التصريح على أنّه دعوة واضحة من قبل قائد الشرطة موجهة إلى نشطاء “المعبد” للضغط على الحكومة من أجل تحقيق مكاسب جديدة على صعيد الاقتحامات وإمكانية تأدية الصلاة في الأقصى بحرّيّة ومن دون ملاحقة. ولعلّ نظرة متأملة في واقع الاقتحامات منذ حوالي عامين تظهر اتجاه جماعات “المعبد” إلى انتهاج أسلوب جديد يتّكئ على زيادة الاقتحامات لفرض أمر واقع يمكن عبره إلزام الحكومة بتغيير الوضع القائم بدلاً من انتظار قرار سياسي بالتّغيير والاستجابة لمطالبات هذه الجماعات. وهذا الاتّجاه تؤكّده تصريحات من نشطاء “المعبد” وداعميهم، ومنها على سبيل المثال تصريح المحامي أفياد فيشولي الذي قدم التماسات متعددة لمصلحة نشطاء “المعبد” سيكون علىنتنياهو أن يوافق على صلاة اليهود في الأقصى عندما يتجاوز عدد الاقتحامات 100 ألف في السنة، أي بمعدّل 300 مقتحم في اليوم الواحد. وقد لقي هذا الاتجاه استجابة من المؤسسة الأمنية الاحتلالية التي باتت متعاونة مع جماعات “المعبد” إلى درجة غير مسبوقة.
إذًا، فإنّ هذه الزيادة في أعداد الاقتحامات مرتبطة إلى درجة كبيرة بمقاربة جديدة من وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان مروراً بضباط شرطة الاحتلال وبعناصر الشرطة المولجين مرافقة الاقتحامات وتأمينها. فوفق السياسة الجديدة رفعت الشرطة معظم القيود التي كانت تفرضها على المستوطنين عند اقتحامهم الأقصى في مقابل التضييق على المسلمين وحظر دخول عدد كبير منهم إلى المسجد وإبعادهم بذريعة الإخلال بالأمن في الأقصى، ولعلّ حظر الشرطة لما أسمته نساء القائمة السوداء في آب 2015 ومن بعده قرار وزير الأمن حظر الحركة الإسلامية ومؤسساتها في تشرين الثاني من العام ذاته أبرز مثالين على سياسة الاحتلال لإفراغ المسجد من المسلمين وتأمين بيئة صالحة للاقتحامات لا يعكّر صفوها المرابطون والمرابطات.
وبالفعل، فإنّ الملاحظ هو أنّ عدد الاقتحامات يرتفع عامًا بعد عام، ويتضاعف مقارنة بما كان عليه في الأعوام السابقة، حيث وصلت الزيادة عام 2017 إلى 75% مقارنة بعام 2009. وكانت صحيفة هآرتس كتبت في 2/1/2018، في قراءتها لأعداد المستوطنين الذين اقتحموا الأقصى عبر السنوات الماضية، إنّ الزيادة الملحوظة في هذه الأعداد لا تعود إلى حالة الهدوء النسبي في القدس والأقصى وحسب، بل إلى سياسات جديدة أدخلها كبار المسؤولين في الشرطة، بمن فيهم قائد الشرطة روني الشيخ وقائد شرطة الاحتلال في القدس يورام هليفي، بالإضافة إلى وزير الأمن في حكومة الاحتلال جلعاد أردان، لتخفيف القيود المفروضة على اليهود الذين يقتحمون الأقصى. ومن تلك الإجراءات إلغاء الشرطة القيود المفروضة على المجموعات التي تقتحم الأقصى من حيث العدد الذي تتضمنه كل مجموعة بعدما كانت تشترط حدًا أقصى لا يتجاوز 15 عنصرًا في المجموعة الواحدة. ففي “عيد الحانوكا” (12-20/12/2017)، على سبيل المثال، ضمّت إحدى المجموعات 93مستوطنًا. ولكن بالمقابل، فإنّ الشرطة لا تزال تمنع الاقتحامات الفرديّة، أي الاقتحامات خارج مجموعات منظّمة، ومن دون مرافقة عناصر من شرطة الاحتلال.
وبالعودة إلى التّعاون بين شرطة الاحتلال وجماعات “المعبد” يمكن الإشارة إلى العلاقة الجيدة التي باتت تربط الطرفين. وقد شهدت السّنتان المنصرمتان طفرة في الصور والفيديوهات التي تجمع بين شرطة الاحتلال ونشطاء “المعبد” وداعمي بناء “المعبد” وزيادة الاقتحامات، ومن تلك الصور على سبيل المثال صورة تم تداولها لقائد شرطة الاحتلال في القدس يورام هليفي يتلقى بركات كهنوتية من أحد نشطاء “المعبد” فيما عمد عضو “الكنيست” يهودا غليك، وهو أحد أبرز السياسيين العاملين على تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، وهو يعانق أحد عناصر شرطة الاحتلال، كما برز في مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي. وتظهر هذه الصور والفيديوهات العلاقة الطّيبة بين الشرطة من جهة ونشطاء “المعبد” من جهة أخرى بما يعكس الدعم الأمني لجماعات “المعبد” ومخطّطاتها وأهدافها، وينبئ بما ستؤول إليه الأمور في المستقبل.
على الأرض، وعلى مستوى الحرية التي بات المستوطنون ينعمون بها لدى اقتحام الأقصى، فإنّ الشرطة باتت تغض الطرف عن محاولات اليهود أداء الشعائر والصلوات التلمودية في الأقصى وعند مداخله، وهي إن اعتقلت عددًا من المستوطنين لأدائهم الصلوات التلمودية في الأقصى، وصل إلى 87 مستوطنًا عام 2017، إلا أنّ هذه الاعتقالات غالبًا ما تكون بعد إثارة ضجّة حولها من قبل المسلمين وموظّفي الأوقاف، فتضطر الشرطة إلى تنفيذ اعتقالات حتى تتملّص من تهمة تواطؤها على تغيير الوضع القائم. بالإضافة إلى ذلك، فقد باتت الشرطة تسمح للمستوطنين الذين يقتحمون المسجد بارتداء القمصان التي تحمل شعارات سياسية وصورًا استفزازية تدعو إلى بناء “المعبد”.
ومن الأمور الأخرى التي تعكس تساهل شرطة الاحتلال مع المقتحمين تكرّر حالات عقد قران مستوطنين في السنتين الأخيرتين، وهي حالات لا تزال محدودة من حيث العدد ولكنّها انتقلت من التكتّم والسرية إلى الإعلان ونشر الصور. ففي عام 2017 عقد في الأقصى قران توم نيساني وسارة لوركات، وكلاهما من نشطاء “المعبد”، وكانت الشرطة غير بعيدة عنهما. وإن استدعت الشرطة نيساني في وقت لاحق فقد كان ذلك بعد انتشار صور وفيديو القران على مواقع الإنترنت وتداول مقطع مصوّر له يدعو فيها اليهود إلى تقليده وعقد قرانهم في الأقصى وما أثاره ذلك من ردّة فعل رافضة.
وعلاوة على ذلك، فقد سمحت شرطة الاحتلال لنشطاء “المعبد” بتقديم قرابين “الفصح” العبري في منطقة القصور الأموية جنوب المسجد الأقصى، وهي النقطة الأقرب منذ سنوات. وقد حضر الاحتفال الذي أقيم في 26/3/2018 كبار الحاخامات من التيار الديني القومي، بالإضافة إلى عضو “الكنيست” يهودا غليك. ووفق جمعية “عير عميم” فإن موافقة الشرطة على تقديم القرابين في منطقة القصور الأموية هو أمر مثير للغضب، ويدلّ على أنّ المستوى الرسمي يرعى الاحتفال المتطرف، ويدعم النيات الرسمية لدى الجماعات المتطرفة التي تنظّمه.
قائد شرطة الاحتلال في القدس: محاولة تغيير الوضع القائم تحت ستار الضرورات “الأمنيّة”
ولا تقف الأمور عند هذا الحد، بل ثمّة دور ليورام هليفي، قائد شرطة الاحتلال في القدس، وهو صاحب قرار تركيب البوابات الإلكترونية عقب عمليّة “اشتباك الأقصى” في 14/7/2017، بموافقة المفتش العام لشرطة الاحتلال روني الشيخ وجلعاد إردان ونتنياهو، وهو أيضًا أصرّ على إبقائها على الرغم من حالة الغليان في الشّارع المقدسي مشيرًا في حديث إلى إذاعة الجيش في 17/7/2017 إلى أنّ الفلسطينيّين سيعتادونها على الرّغم من ردّهم القاسي. ويمكن القول إنّ هذه الخطوة كانت محاولة لتمرير واقع جديد بحيث يصبح دخول المسلمين إلى الأقصى خاضعًا لإجراءات مشابهة لما هو معمول به عند باب المغاربة الذي خصّصه الاحتلال لاقتحامات المستوطنين. فهم يمرون عبر بوابات إلكترونية ويخضعون عمومًا للتفتيش، وقد باتوا يعترضون على هذه الإجراءات ويطالبون بمساواتهم بالمسلمين، فإن كان من غير الممكن إزالة إجراءات التفتيش المفروضة على باب المغاربة فبالإمكان مساواة المسلمين بهم وفرض التفتيش عليهم. وهو ما يعني تغييرًا جديدًا وناعمًا في الوضع القائم قد يكون من الممكن إنفاذه تحت ذريعة الأمن ومنع أي أعمال إرهابية.
وزير الأمن الداخلي: راعي التّغيير من أعلى
كلّ هذه التطورات لا يمكن أن تتم من دون رعاية وزير الأمن الداخلي وتوجيهاته، وقد كان له الدور الأبرز في محاربة الرباط وتشجيع الاقتحامات. ويكرّر إردان في معرض حديثه عن الأقصى ما يفيد بأنّ القرار المتعلّق بالاقتحامات هو قرار سياسي مرتبط بالحكومة، وإن كان هو شخصيًا يعتقد أنّ اليهود لهم حق الصلاة في المكان. ففي مؤتمر عقد في “الكنيست” في 7/11/2016 بدعوة من عضو “الكنيست” يهودا غليك، أبرز نشطاء “المعبد”، قال إردان إنّ السبب الرئيس للقيود المفروضة على اليهود في الأقصى هو “العنف والتّحرشات العنصرية من المسلمين” مشيرًا إلى أنّ “الشرطة لا تفرض قواعدها في المكان، ولكنّها ملزمة بسياقات الحوار بين رئيس الحكومة والأردن” ومؤكدًا في الوقت ذاته أنّ “حقّنا في جبل المعبد ليس قابلاً للنقاش، وما من جهة دوليّة تستطيع أن تعيد كتابة التاريخ أو تنكره”، في إشارة منه إلى قرار اليونسكو الصادر في تشرين أول/أكتوبر 2016.
وأعلن إردان في 1/11/2017 عن مخطط لإنشاء وحدة شرطة جديدة خاصة لحفظ النظام في المسجد الأقصى. والوحدة المسؤولة عن الأمن حاليًا في المسجد الأقصى مسؤولة عن الأمن عند حائط البراق المحتل والكنائس أيضًا. وستكون الوحدة الجديدة مجهزة بتكنولوجيا حديثة للدفاع عن المقتحمين وقوام الوحدة 200 عنصر من بينهم دوريات وعناصر التدخل والاستخبارات، ومن مهماتها تأمين الحماية على أبواب المسجد. وفي ضوء هذا الإعلان قال إردان إنه في غضون سنتين لن تصبح القدس المدينة الأقدس وحسب بل الأكثر أمنًا أيضًا. وأتى الإعلان عن هذه الوحدة بعد عملية الجبارين، وعلى الرغم من إعلان الشرطة أن الوحدة الجديدة لا تعني تغيير الوضع القائم في الأقصى إلا أنّ هذا النفي بات لازمة تكررها سلطات الاحتلال في كل مرة تُحدث تغييرات في الأقصى وتسعى إلى تثبيتها كأمر واقع.
إنَّ الذي تقوم به الشرطة ووزير الأمن الداخلي كان محلّ ترحيب وتقدير من قبل ناشطي “المعبد” الذين نوهوا بتخفيف الإجراءات المفروضة على الاقتحامات من جهة وبالقيود التي فرضت على المسلمين وملاحقتهم ومنع المرابطات من دخول الأقصى تحت مسمى القائمة السوداء ومنع المصلين من التكبير وكذلك الحراس وموظفي الأوقاف من ملاحقة المستوطنين الذين يؤدون الشعائر التلمودية في الأقصى. وقد نقلت صحيفة “هآرتس” عن هؤلاء النشطاء قولهم إنّ الشرطة لم تقاطع المستوطنين الذين كانوا يؤدون الصلاة بهدوء فيما سمح للمستوطنين بأن يحملوا الأنواع الأربعة (وهي نباتات مذكورة في التوراة) التي تعد من الشعائر التلمودية في احتفالات “عيد المظال”.
عساف فريد، الناطق باسم “ائتلاف جماعات المعبد”، وصف التغير في تعاطي الشرطة مع الاقتحامات منذ تولي وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان منصبه في حكومة الاحتلال. وقال إنّ “إجراءات الشرطة في الأقصى كانت تتخطّى متطلبات المحافظة على الأمن، وكان يبدو أن المؤسسة الأمنية تعدّ اليهود الذين يريدون الصعود إلى جبل المعبد متطرفين ومسؤولين عن التصعيد التوتر في المكان فعملت الشرطة على منع اليهود من زيارة المكان والحد من أعدادهم”. ثم تغيّر الوضع والمؤسسة الحالية، برأي فريد، تعمل وفق مبدأ جعل المسجد متاحًا لأيّ يهودي يريد زيارته. وعن إردان قال فريد إنّه منذ عامين ونصف تولى وزارة الأمن الداخلي وقد تخلى عن السياسة التي كان معمولاّ بها سابقًا حيث كان يرد على العنف من قبل المسلمين بإغلاق المسجد في وجه اليهود. وقد عين يورام هليفي قائدًا للشرطة، وقائد الشرطة لا يضع السياسات ولكنه يقرر آليات تنفيذها، فتمّ إبعاد المرابطات ولم يسمح لهنّ بالعودة. كذلك فإنّ هليفي “أخذ على عاتقه السماح لأي يهودي يريد الدخول إلى جبل المعبد بأن يفعل، فإن وصل قبل موعد الإغلاق قبل خمس دقائق فسيسمح له بالدخول”.
وهذا التّصريح ليس الوحيد في هذا السياق إذ يتشابه مع مواقف نشطاء “المعبد” الذي يرون التطوّر في دور المؤسّسة الأمنيّة والشّرطة لجهة تحسين وضع اليهود في الأقصى. فوفقًا لناشط “المعبد” شمشون إلبويم فإن مقاربة هليفي أو نهجه في أداء وظيفته أدى إل نتائج إيجابية بالنسبة إلى الاقتحامات مشيرًا إلى أنّ “ما تقوم به الشّرطة يقرب جبل المعبد من دوره المنصوص عنه في التّوراة فالمكان هادئ وأكثر متعة لمن يزورونه، ما يجعله أكثر اقترابًا ليكون بيت عبادة لكل الأمم”. وعلاوة على ذلك، فقد سلم عضو “الكنيست” يهودا غليك، وهو من أبرز نشطاء “المعبد، شهادة لإردان تقديرًا لجهوده في جعل المسجد الأقصى مكانًا أكثر أمنًا لليهود، لا سيما قراره حظر المرابطين والمرابطات والحركة الإسلامية، وذلك في المؤتمر المعقود بـ “الكنيست” المشار إليه أعلاه.
خلاصة
إذًا، تعمل جماعات “المعبد” على جرّ حكومة الاحتلال إلى تغيير الوضع القائم في الأقصى عبر فرض أمر واقع قائم على أعداد متزايدة من الاقتحامات، وقد وجدت الدعم الأهمّ من قبل وزير الأمن الداخلي وشرطة الاحتلال التي غيّرت سياساتها في هذا الإطار منذ حوالي عامين. وقد عكس هذه الوقائع الكاتب الإسرائيلي نداف شرغاي الذي أشار في تقرير نشره “المركز الأورشليمي لدراسات الجمهور” في 20/2/2018 إلى أنّ قرار الشرطة العام الماضي باتّخاذ إجراءات لزيادة الاقتحامات يعني الاقتراب من فرض سياسة الأمر الواقع على المسجد. وعلى أيّ حال، يبقى نجاح ذلك ونجاح كلّ مخططات الاحتلال مرتبطًا باستشعار خطورة ما يجري والتّصدي له بما يمنع تبلوره وتثبيته، والمحافظة على الأقصى كساحة مواجهة مع الاحتلال لا مكان عبادة وحسب.
المصدر: موقع مدينة القدس