كلمتنا

أسرانا البواسل … عنوان الحق الفلسطيني

 د. محمد البحيصي – رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية – الإيرانية

 

لم تتوان الحركة الأسيرة في فلسطين عن تقديم التضحيات، وعن إظهار أعلى درجات الولاء الوطني، والثبات على خط المواجهة مع العدو المحتل،  وقد تجّلت نضالات هذه الحركة الشجاعة في أشكال نضالية متعدّدة من لحظة اعتقال المقاوم وحتى تحرّره،  أو بقائه وراء القضبان وفي عتمة الزنازين ، مروراً بجلسات التحقيق التي هي أقرب إلى المسالخ، والحرب البدنية والنفسية التي تستهدف انتزاع أقوال المجاهد الأسير، ومن ثم كسر إرادته ، وتحطيم معنوياته ..

ومنذ أول شهيد في حركات الإضراب التي شهدتها معتقلات العدو وهو الشهيد القائد عبد القادر أبو الفحم، الذي استشهد في إضراب سجن عسقلان بتاريخ 11/07/1970، وإلى هذه الأيام التي يخوض فيها الأسرى البواسل إضراباً مفتوحاً عن الطعام، أثبتت الحركة الأسيرة أنها ظلّت  الأمينة على نهج المقاومة والصمود والتحدّي في مواجهة جبروت وغطرسة الكيان المجرم، والجلّاد المحتل الظالم، وأنها عنوان الحق الفلسطيني السّاطع الذي لم تلوّثه مكايدات ومفاسد التنازع الفصائلي، ولا أعمته أدخنة السلطة السوداء، ولا خرافات وأوهام التسوية والسلام مع الاحتلال الفاشي العنصري..

وعلى الرغم من حالات الإحباط التي أفرزها الواقع السياسي الفلسطيني والعربي، والانسداد الذي اصطدمت به كل المشاريع التي تبنّاها البعض واستسلم لها وكأنّها خيارٌ أوحد وقدر حتمي، مع كل هذا الخذلان الذي تعرّضت له القضية برمّتها، وبالأخص ملف الأسرى، حيث لم يكن في يومٍ من الأيام أولويّة على رأس تحرّك السلطة السياسي والجماهيري والدولي،  إلّا أنّ الأسرى البواسل وبمخزونهم ووعيهم الوطني والنضالي العميق، ظلّوا بمنأى عن الانكسار والانحناء، وظلّ نموذجهم البطولي بمثابة الحاضنة والرافعة للمشروع الوطني الذي غيّبته سياسات المتنفذّين  في السلطة الفلسطينية، وظلّوا في كل منعطفات ومفاصل الحراك الوطني الفلسطيني بمثابة كلمة السر، وبسملة العمل، وحرّاس الأمل في الانعتاق الفلسطيني ..

أسرانا وهم يخوضون معركة الكرامة، يتجاوزون خط الاستطاعة والوسع، ويخترقون حدود التكليف في حالة استثنائية تميّزت بها حركتهم المتصاعدة ونفوسهم الكبيرة العزيزة ..

وهم بفعلهم العظيم، أقاموا الحجّة على الجميع، وقطعوا الطريق على كل المبرّرات الباردة والواهية التي أقعدتنا عن نصرتهم دون أن نكلّفهم  فوق ما يطيقون …

أسرانا قرّروا أن يحاربوا بأمعائهم الخاوية ليس ردّاً على عسف وجور وظلم الجلّاد المحتل فحسب، وإنّما ليصرخوا في وجوهنا نحن الذين تقاعسنا عن أداء الواجب تجاههم، ولم نقم بواجبنا تجاه ما يستحقونه من حقوق علينا ..

أسرانا نهجوا هذا الشكل من المواجهة .. فما هي الأشكال التي تفرضها المرحلة علينا ، والتي تكفل لأسرانا سرعة إنجاز حريّتهم ، وليس تحسين شروط اعتقالهم ؟..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى