مقالات وآراء

آل سعود يطالبون العالم بالتحرك لوقف “ارتكابات” حليفهم (الصهيوني) بحق الفلسطينيين!

كتب الكاتب السعودي عبد العزيز المكي :

بينما كنت أتصفح موقع صحيفة الحياة السعودية ليوم الاثنين 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 استوقفني هذا العنوان: “السعودية تناشد العالم التحرك لوقف ارتكابات إسرائيل..”.

حيث جاء تحت هذا العنوان أن مجلس الوزراء السعودي استنكر استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين بارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية، ومواصلة الجيش الإسرائيلي سياسة الإعدامات الميدانية وارتكاب أبشع الممارسات بحق الشعب الفلسطيني، مناشداً المجتمع الدولي بالتحرك السريع لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني!!

أحببت أن أسجل عدداً من الملاحظات على هذا العنوان اللافت والمبرز بالخط العريض، وعلى مضمون الخبر، كما يلي:

الملاحظة الأولى: بالطبع أن يقدم النظام السعودي باستنكار الجرائم الصهيونية بحق أهلنا في فلسطين،فهذه خطوة جيدة ومطلوبة من كل الأنظمة العربية التي تدعي بالعروبة وبالانتماء العربي وما أكثرهم اليوم من يتشدق بهذا الشعار، لكن المشكلة أن الاستنكار السعودي جاء متأخراً جداً،لان الانتفاضة الفلسطينية مرّ عليها أكثر من شهر وسقط فيها عشرات الشهداء، كما اقترف العدو الصهيوني خلال هذه المدة عشرات الجرائم والانتهاكات بحق أبناء الشعب الفلسطيني، فيما لاحظت كمتابع خلو الصحافة السعودية من أخبار الجرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين بعد تفجر الانتفاضة لمدة أسبوعين على الأقل، وكأن هذه الصحافة قد صمت أذانها وأغلقت عيونها عما يجري في الأرض المحتلة، وحينما اضطرت إلى تغطية أنباء الانتفاضة ،جرى ذلك بشكل مبتسر وخجول. ولذلك فهذا الاستنكار هو لرفع العتب وللتخلص من الإحراج أمام الرأي العام، هذا أولاً، وثانياً: إن هذا الاستنكار بالتحرك الفعلي على الدول والمؤسسات الدولية لكي تتحرك وتدين بدورها على الأقل الجرائم الصهيونية في الأرض المحتلة، سيما وأن لآل سعود سطوة على أكثر المؤسسات والمنظمات الدولية، بحكم مساهمتهم المالية في دعم هذه المؤسسات والمنظمات، وهو الدعم الذي اجبر هذه المنظمات على السكوت عن الجرائم السعودية في اليمن وفي البحرين ومواقع أخرى.

الملاحظة الثانية: إن مجلس الوزراء السعودي ناشد المجتمع الدولي التحرك سريعاً لحماية الشعب الفلسطيني، والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة، هو لماذا يناشد آل سعود المجتمع الدولي، وهم بالأمس يقولون إن المجتمع الدولي لا ينهض بديلا عن العرب للدفاع عنهم، ولذلك اعتمدت السعودية على قوتها العسكرية وعلى إمكاناتها في شن العدوان على اليمن وعلى الشعب اليمني وفي دعم القطعان التكفيرية في سوريا بالسلاح والأموال بهدف إسقاط حكومة الرئيس بشار الأسد، وإذا توقفت تهديدات سعود الفيصل لسورية ولحكومتها بوفاته، فإن بديله عادل الجبير ضاعف هذه التهديدات فهو في مناسبة وغير مناسبة يكرر القول: “إن الأسد لابد أن يرحل إما بحل سياسي أو بالقوة العسكرية!!” النظام السعودي زمجر وأرعد على الشعب البحريني وأرسل قوته العسكرية إلى هذا الشعب الأعزل لتسحق مظاهراته السلمية وتقمعه بقوة، تنتهك حرماته، وتدمر مساجده وتنتهك مقدساته وتعتدي على كرامته وسيادته….وما إلى ذلك من الممارسات والانتهاكات والجرائم البشعة المتواصلة حتى كتابة هذه السطور، فلماذا لا يستخدم عشر هذه الزمجرة والعدوانية على الشعب البحريني لحماية النظام الخليفي الجائر، ضد الكيان الصهيوني، سيما وأن أبناء الشعب الفلسطيني يستغيثون يومياً ويطالبون العرب والحكومات العربية بنصرتهم وحمايتهم من البطش الصهيوني المتجبر والمدجج بالأسلحة المتطورة؟ النظام السعودي لديه القدرة بشن الحروب المباشرة، هكذا يقول إعلامه وأيضاً مسؤولوه، يقولون ذاك العهد ولّى، فمنذ بدأت حرب السعودية على اليمن، دخلت السعودية أو دشنت مرحلة جديدة، فهي تتصدى بنفسها عسكرياً للأخطار، وإذا كانت قد هرعت بكل هذه الطائرات وبكل هذه القوة لمواجهة الشعب اليمني لمجرد إعادة ما تسميه السلطات السعودية حكومة الشرعية أو رئيس الشرعية عبد ربه منصور إلى صنعاء كما تسوق تلك السلطات لمبررات عدوانها على اليمن، فمن باب أولى الدفع بهذه القوة الهائلة إلى العدو الصهيوني الذي يمارس الجرائم بحق الفلسطينيين قتلاً وتشريداً وتنكيلاً واستهتاراً بالكرامة وبالمقدسات الإسلامية، فلماذا يلجأ مجلس  الوزراء السعودي إلى المجتمع الدولي وهو يعلم كل العلم إن هذا المجتمع لن يحرك ساكنا لحماية الشعب الفلسطيني أبداً.

النظام السعودي يرسل التكفيريين من السعودية ومن أفغانستان ومن باكستان ومن بلدان القوقاز من الشيشانيين والازبكيين والداغستانيين، ومن تونس والمغرب ومن أوروبا، يرسلهم إلى العراق لقتل العراقيين ولإضعاف حكومة العراق ولسوريا لإسقاط حكومة بشار الأسد ويزودهم بالسلاح ويغدق عليهم الأموال الطائلة من أجل مواصلة عدوانهم وجرائمهم في العراق وسوريا، وأضيف لهما اليمن مؤخراً وبلدان أخرى وإلى اليوم يواصل هذا النظام هذه السياسة العدوانية، إذن لماذا لا يرسل كل هذه الإمكانات وكل هذه القطعان التكفيرية إلى الأرض المحتلة لتفجر مفخخاتها بين الصهاينة وليس بين المسلمين في سوريا والعراق واليمن وحتى في المناطق الشرقية من البلاد؟ إذا كانت تدعي وتبرر السلطات السعودية إرسالها هذه القطعان إلى سوريا والعراق لنصرة أهل السنة، فالشعب الفلسطيني من أهل السنة، ويعاني من الاحتلال الصهيوني الغاصب لأرضة أضعاف ما يعانيه مما يدعيه آل سعود، الأخوة السنة، في العراق وسوريا..

الملاحظة الثالثة: إن آل سعود قالوها صراحة في وسائل إعلامهم قبل عدوانهم على اليمن، أن المجتمع الدولي لا يتحرك، إذا لم يتحرك العرب أنفسهم وجاء هذا المعنى في أكثر كتابات ومقالات الكتاب السعوديين وغير السعوديين الذين يكتبون في الصحف السعودية ومنها الحياة والشرق الأوسط وما إليها.. فلو تحرك آل سعود ضد الكيان الصهيوني على الأقل إعلامياً وسياسياً، لتحرك المجتمع الدولي بسرعة البرق لحماية الشعب الفلسطيني، لكن هذا المجتمع الذي تقف على رأسه الولايات المتحدة الأميركية يعلم ويعرف جيداً أن النظام السعودي وغيره من بعض الأنظمة الخليجية والمنطقة العربية متحالفة ومتواطئة مع الكيان الصهيوني وهي إنما تقوم بكل هذا العدوان وهذا التحشيد والدعم والجلب لقطعان التكفيريين في العراق وسوريا، ثم توظيف كل هذه الإمكانات العسكرية ضد اليمن، إلّا لخدمة العدو الصهيوني، فالنظام السعودي هو التوأم والحليف للكيان الصهيوني، فهذا الكيان كما اتضح وبالأدلة الدامغة يشارك آل سعود عدوانهم على الشعب اليمني المظلوم، ولهذا رأينا هذا الاستنكار السعودي الخجول ورأينا كيف أن النظام حذف هذا الاستنكار من الأرشيف في اليوم الثاني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى